غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوٓاْ أَوۡ مَاتُواْ لَيَرۡزُقَنَّهُمُ ٱللَّهُ رِزۡقًا حَسَنٗاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّـٰزِقِينَ} (58)

42

ثم أفرد المهاجرين بالذكر تخصيصاً لهم بمزيد التشريف . يروى أن طوائف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا نبي الله ، هؤلاء الذين قتلوا قد علمنا ما أعطاهم الله من الخير ونحن نجاهد معك كما جاهدوا فما لنا إن متنا معك ؟ فأنزل الله عز وجل : { والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا } قال بعض المفسرين هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة . وقال بعضهم : هم الذين خرجوا من الأوطان في سرية أو عسكر . ولا يبعد حمل الآية على الفريقين . والرزق الحسن نعيم الجنة . وعن الكلبي : هو الغنيمة لأنها حلال . وقال الأصم : العلم والفهم كقول شعيب { ورزقني منه رزقاً حسناً } [ هود : 88 ] وضعف الوجهان بأنهما ممتنعان بعد القتل أو الموت . قال العلماء : وإنما تظهر هذه الفضيلة للمهاجرين في مزيد الدرجات وإلا فلا بد من شرط اجتناب الكبائر كما في حق غيرهم . { وإن الله لهو خير الرازقين } لأن رزق غيره ينتهي إليه وغيره لا يقدر على مثل رزقه ، ولأن رزقه لا يختلط بالمن والأذى ولا بغرض من الأغراض الفاسدة ، ولأنه يرزق ويعطي ما به يتم الانتفاع بالرزق من القوى والحواس وغير ذلك من الشرائط الوجودية والعدمية . قالت المعتزلة : في الآية دلالة على أن غير الله يقدر على الفعل وهو الرزق . ويمكن أن يجاب بأنه مجاز أو على سبيل الفرض والتقدير . وليس في الآية دليل ظاهر على أن المهاجر المقتول والمهاجر الميت على فراشه هل يستويان في الأجر أم لا بل المعلوم منها هو الجمع بينهما في الوعد . وقد يستدل على التسوية بما روي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " المقتول في سبيل الله والمتوفي في سبيل الله بغير قتل هما في الأجر شريكان " فإن لفظ الشركة مشعر بالتسوية .

/خ64