غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَتُصۡبِحُ ٱلۡأَرۡضُ مُخۡضَرَّةًۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ} (63)

42

ثم ذكر أنواعاً أخر من دلائل قدرته ونعمته فقال { الم تر } قيل : هي رؤية البصر لأن نزول الماء من جهة السماء أو اخضرار النبات من المبصرات . وقيل : بمعنى العلم لأن الرؤية إذا لم يقترن بها العلم لم يعتد بها . وفي قوله { فتصبح } دون أن يقول فأصبحت مناسباً ل { أنزل } إشارة إلى بقاء أثر المطر زماناً طويلاً وإن كان ابتداء الإصباح عقيب النزول نظيره قول القائل : " أنعم فلان عليّ عام كذا فأروح وأغدو شاكراً له " . ولو قال : " فرحت وغدوت " لم يقع ذلك الموقع . وإنما لم ينصب { فتصبح } جواباً للاستفهام لإيهام عكس ما هو المقصود لأنه يوهم نفي الاخضرار كما لو قلت لصاحبك : الم تراني أنعمت عليك فتشكر . إن نصبته أو همت أنك نافٍ لشكره شاكٍ تفريطه فيه ، وإن رفعته فأنت مثبت لشكره بطريق الاستمرار ولا يبعد أن تكون هذه الآية إشارة إلى دليل الإعادة كما في أول السورة وهذا قول أبي مسلم : { إن الله لطيف خبير } قال الكلبي : لطيف في أفعاله خبير بأعمال خلقه ، وقال مقاتل : لطيف باستخراج النبت خبير بكيفية خلقه . وقال ابن عباس : لطيف بأرزاق عباده خبير بما في قلوبهم من القنوط وقد مر مثل هذه في أواسط " الأنعام " .

/خ64