غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (77)

71

{ وابتغ فما آتاك الله } من المال والثروة { الدار الآخرة } يعني أسباب حصول سعاداتها من أصناف الخيرات والمبرات الواجبة والمندوبة فإن ذلك هو نصيب المؤمن من الدنيا دون الذي يأكل ويشرب ، وإلى هذا أشار بقوله { ولا تنسَ نصيبك من الدنيا } ويحتمل أن يراد به اللذات المباحة . وحين أمروه بالإحسان المالي أمروه بالإحسان مطلقاً ويدخل فيه الإحسان بالمال والجاه وطلاقة الوجه وحسن الغيبة والحضور . وفي قوله { كما أحسن الله إليك } إشارة إلى قوله تعالى { لئن شكرتم لأزيدنكم } [ إبراهيم : 7 ] وإلى ما قال الحكماء : المكافأة في الطبيعة واجبة . و{ الفساد في الأرض } المنهي عنه هو ما كان عليه من الظلم والبغي . وهذا القائل موسى عليه السلام أو مؤمنو قومه وهو ظاهر اللفظ . وكيف كان فقد جمع في هذه الألفاظ من الوعظ ما لو قبل لم يكن عليه مزيد لكنه أبي أن يقبل بل تلقى النصح بكفران النعمة قائلاً { إنما آوتيته على علم عندي } قال قتادة ومقاتل والكلبي : كان قارون أقرأ بني إسرائيل للتوراة فقال : إنما أوتيته لفضل علمي واستحقاقي لذلك . وقال سعيد بن المسيب والضحاك : إن موسى أنزل عليه الكيمياء من السماء فعلم قارون ثلث العلم ويوشع ثلثه وطالوت ثلثه ، فخدعهما قارون حتى أضاف علمهما إلى علمه ، وكان يأخذ الرصاص والنحاس فيجعلهما ذهباً . وقيل : أراد علمه بوجوه المكاسب والتجارات . وقيل : أراد إن الله أعطاني ذلك على علم له تعالى بحالي وباستئهالي لذلك .

/خ88