غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{هَلَكَ عَنِّي سُلۡطَٰنِيَهۡ} (29)

1

{ هلك عني } تسلطي على الناس وزال عني ما كنت أتصوره حجة وبرهاناً . قال ابن عباس : ضلت عني حجتي التي كنت أحتج بها على محمد في الدنيا . وقال مقاتل : إنما يقول هذا حين شهدت عليه الجوارح بالشرك . يحكى عن عضد الدولة أنه قال قصيدة مطلعها هذا البيت :

ليس شرب الكاس إلا في المطر *** وغناء من جوار في السحر

غانيات سالبات للنهى *** ناعمات في تضاعيف الوتر

مبرزات الكأس من مطلعها *** ساقيات الراح من فاق البشر

عضد الدولة وابن ركنها *** ملك الأملاك غلاب القدر

يروى بضم القاف جمع القدرة وبفتحها وهو ما قدر الله على عباده وقضى . ولا ريب أن المصراع الأخير فيه سوء الأدب والجراءة على الله من وجهين : أحدهما أنه سمى نفسه ملك الأملاك ولا يصلح هذا الاسم إلا لله سبحانه ولهذا جاء في الحديث " أفظع الأسماء عند الله رجل تسمى ملك الأملاك " ويقال لها بالفارسية شاهنشاه والثاني أنه زعم الغلبة على القدر وهذا أيضاً من أوصاف الله جل وعلا لا يصلح لغيره . وإن زعم أنه قال ذلك بالنسبة إلى ملوك دونه فذلك قيد لا يدل عليه الإطلاق فسوء الأدب باقٍ فمن هاهنا روي أن الله تعالى ابتلاه عقيب ذلك بالجهل وفساد الذهن وخور القوى ، وكان لا ينطلق لسانه إلا بتلاوة { ما أغني عني ماليه هلك عني سلطانيه } .

/خ52