تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{هَلَكَ عَنِّي سُلۡطَٰنِيَهۡ} (29)

الآية 29 وقوله تعالى : { هلك عني سلطانيه } ذكر عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : كل سلطان في القرآن فهو حجة .

والأصل أن كل كافر كان يحتج في الدنيا لنفسه بحجج باطلة : فمرة يقول : { ما أنت إلا بشر مثلنا } [ الشعراء : 154 و 186 ] ، ويقول مرة : { ما هذا إلا أساطير الأولين } [ الأحقاف : 17 ] ومرة يقول : { هذا سحر } [ النمل : 13 و . . ] ومرة يقول : { مجنون } [ الدخان : 14 ] وغير ذلك فيصير يقول : { هلك عني سلطانيه } أي هلكت تلك الحجج التي كنا نتشبث بها ، واضمحلت ، وظننا أنها حجج .

ومنهم من يقول : السلطان هو القدر والشرف ، أي ذهب ذلك كله . وقيل : أي هلك عني تكبري وسلطاني على الأشياء في الدنيا وترك الاكتراث إليهم .

وجائز أن يكون أراد به أن السلطان الذي كان لي على نفسي في الدنيا قد انقطع لأنه كان يملك استعماله {[21946]} في أمر مرضاة الله ، فيقول : قد انقطع ذلك السلطان لأني لا أملك استعماله {[21947]} في ما أستوجب به مرضاة الرب ، لأنه يسلم ، فلا يقبل منه إسلامه .

ثم يجوز أن تكون الهاءات في هذه الخطابات {[21948]}على معنى الإشارات إلى الأنفس أو على تأكيد الأمر والمبالغة كالمتشابه ، أو كأنهم ينادون أنفسهم بذلك . وقد تدخل الهاء في النداء كقوله : يا رباه ، ويا سيداه . وجائز أن يكون [ للوقف وإتمام ]{[21949]} الكلام ، وأهل النحو يسمونها{[21950]} هاء الاستراحة .


[21946]:في الأصل وم: استعمالها.
[21947]:في الأصل وم: استعمالها.
[21948]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل: الخطيئات.
[21949]:في الأصل: الوقت واحمام، في م: الوقت واتمام.
[21950]:في الأصل وم: يسمونه.