غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَهۡوٗا وَلَعِبٗا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ فَٱلۡيَوۡمَ نَنسَىٰهُمۡ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوۡمِهِمۡ هَٰذَا وَمَا كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (51)

44

ثم وصف هؤلاء الكافرين بأنهم { الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرتهم الحياة } وقد مر تفسير الوصفين في أوسط سورة الأنعام . وقال ابن عباس : يريد المستهزئين المقتسمين ، وجملة الأمر أن الإنسان يطمع في طول العمر وحسن العيش وكثرة الماء وقوة الجاه فلشدة رغبته في هذه الأشياء يصير محجوباً عن طلب الدين غريقاً في بحر الدنيا ومشتهياتها . ثم ذكر جزاءهم يوم القيامة على سبيل الحكاية فقال : { فاليوم ننساهم } أي نتركهم في عذابهم كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا قاله الحسن ومجاهد والسدي والأكثرون ، وقيل : أي نعاملهم معاملة من نسي بتركهم في النار كما فعلوا هم في الإعراض عن آياتنا ، فسمي جزاء النسيان نسياناً كقوله : { وجزاء سيئة سيئة }

[ الشورى : 40 ] والحاصل أنه لا يجيب دعائهم ولا يرحم ضعفهم وذلهم . عن أبي الدرداء أن الله تعالى يرسل على أهل النار الجوع حتى يزداد عذابهم فيستغيثون فيغاثون بالضريع الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ، ثم يستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة ، ثم يذكرون الشراب فيستغيثون إلى أهل الجنة كما في هذه الآية فيقول أهل الجنة { إن الله حرمهما على الكافرين } ، ويقولون لمالك ليقض علينا ربك فيجيبهم على ما قيل بعد ألف عام إنكم ماكثون ، ويقولون ربنا أخرجنا منها فيجيبهم اخسؤوا فيها ولا تكلمون ، فعند ذلك ييأسون من كل خير ويأخذون في زفير وشهيق . وعن ابن عباس في صفة أهل الجنة : إنهم يرون الله عز وجل في كل جمعة ، ولمنزل كل واحد منهم ألف باب فإذا رأوا الله تعالى دخل من كل باب ملك معهم الهدايا الشريفة . وقال : إن نخل الجنة خشبها الزمرد وقوائمها الذهب الأحمر وسعفها حلل وكسوة لأهل الجنة وثمرتها أمثال القلال أشد بياضاً من الفضة وألين من الزبد وأحلى من العسل لا عجم فيها . فهذه صفة الفريقين من القرآن والحديث فتأهب لأيهما شئت والله الموفق .