مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ قَالُوٓاْ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ} (11)

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } معطوف على «يكذبون » ويجوز أن يعطف على «يقول آمنا » لأنك لو قلت ومن الناس من إذا قيل لهم { لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض } لكان صحيحاً ، والفساد خروج الشيء عن حال استقامته وكونه منتفعاً به ، وضده الصلاح وهو الحصول على الحال المستقيمة النافعة . والفساد في الأرض هيج الحروب والفتن لأن في ذلك فساد ما في الأرض وانتفاء الاستقامة عن أحوال الناس والزروع والمنافع الدينية والدنيوية ، وكان فساد المنافقين في الأرض أنهم كانوا يمايلون الكفار ويمالئونهم على المسلمين بإفشاء أسرارهم إليهم وإغرائهم عليهم وذلك مما يؤدي إلى هيج الفتن بينهم . { قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } بين المؤمنين والكافرين بالمداراة يعني أن صفة المصلحين خلصت لنا وتمحضت من غير شائبة قادح فيها من وجه من وجوه الفساد ، لأن «إنما » لقصر الحكم على شيء أو لقصر الشيء على حكم كقولك «إنما ينطلق زيد وإنما زيد كاتب » و «ما » كافة لأنها تكفها عن العمل .