مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَتُصۡبِحُ ٱلۡأَرۡضُ مُخۡضَرَّةًۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ} (63)

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السماء مَاء } مطراً { فَتُصْبِحُ الأرض مُخْضَرَّةً } بالنبات بعدما كانت مسودة يابسة وإنما صرف إلى لفظ المضارع ولم يقل فأصبحت ليفيد بقاء أثر المطر زمان بعد زمان كما تقول «أنعم عليّ فلان فأروح وأغدوا شاكراً له » ولو قلت «فرحت وغدوت » لم يقع ذلك الموقع . وإنما رفع { فتصبح } ولم ينصب جواباً للاستفهام لأنه لو نصب لبطل الغرض ، وهذا لأن معناه إثبات الاخضرار فينقلب بالنصب إلى نفي الاخضرار كما تقول لصاحبك «ألم تراني أنعمت عليك فتشكر » ، إن نصبته نفيت شكره وشكوت من تفريطه فيه ، وإن رفعته أثبت شكره { إِنَّ الله لَطِيفٌ } واصل عمله أو فضله إلى كل شيء { خَبِيرٌ } بمصالح الخلق ومنافعهم أو اللطيف المختص بدقيق التدبير والخبير المحيط بكل قليل وكثير .