الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَتُصۡبِحُ ٱلۡأَرۡضُ مُخۡضَرَّةًۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ} (63)

وقوله سبحانه : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السماء مَاء فَتُصْبِحُ الأرض مُخْضَرَّةً إِنَّ الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ * لَّهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض وَإِنَّ الله لَهُوَ الغني الحميد } [ الحج : 63 و64 ] .

قوله : { فَتُصْبِحُ } عبارة عن استعجالها إثر نزول الماء وروي عن عكرمة أنه قال : هذا لا يكونُ إلاَّ «بمكَّة » وتهامة .

قال ( ع ) : ومعنى هذا أنه أخذ قوله : { فَتُصْبِحُ } مقصوداً به صباحُ ليلة المطر ، وذهب إلى أَنَّ ذلك الاخضرار في سائر البلاد يتأخر .

قال ( ع ) : وقد شاهدتُ هذا في السُّوسِ الأقصى ، نزل المطرُ ليلاً بعد قَحْطٍ ، وأصبحت تلك الأرض الرملة التي تسفيها الرياح قد اخضَرَّت بنبات ضعيف دقيق .

( ت ) : وقد شاهدتُ أنا ذلك بصحراء سواكن بالمشرق ، وهي في حكمُ مكةَ إلاَّ أَنَّ البحر قد حال بينهما وذلك أَنَّ التعدية من جده إلى «سواكنَ » مقدار يومين في البحر أو أقلَّ بالريح المعتدلة ، وكان ذلك في أَوَّلِ الخريف ، وأجرى اللّه العادة أَنَّ أَمطارَ تلك البلاد تكونُ بالخريف فقط ، هذا هو الغالب ، ولَمَّا شاهدتُ ذلك تذكرتُ هذه الآية الكريمة ، فسبحان اللّه ما أعظم قدرته . واللطيف : المُحَكَّمُ للأمور برفق .