تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَتُصۡبِحُ ٱلۡأَرۡضُ مُخۡضَرَّةًۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ} (63)

الآية 63 : وقوله تعالى : { ألم تر }اختلف فيه : قال بعضهم : { ألم تر }{[13200]} إنما هو حرف تعجيب ؛ يعجب رسول الله جميع ما يفعل من أفعاله . و قال بعضهم : { ألم تر } هو حرف إيضاح الحجج وإنارة براهينه كقوله : { ألم تر إلى ربك كيف مد الظل } ( الفرقان : 45 ) ونحوه .

وأصله أن ظاهره ، وإن كان استفهاما فهو في الحقيقة تحقيق وإيجاب { ألم تر } أي قد رأيت ، وقد أُخبرت . وهكذا جميع ما خرج الظاهر في الكتاب مخرج الاستفهام فهو في الحقيقة إيجاب وإلزام .

ثم في قوله : { إن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة }وجهان من الاستدلال على منكري البعث : أحدهما يخبر عن قدرته وسلطانه أن من قدر على إنزال الماء من السماء وشق الأرض وإخراج النبات منها مع لينه وضعفه وصلابة الأرض وشدتها قادر على إحياء الخلق بعد الموت ، ولا يحتمل أن يعجزه شيء .

والثاني : ( أن من ){[13201]} قدر على إحياء الأرض بعد مواتها ويبسها قادر على البعث والإحياء ، وقد عرفوا أن إعادة الشيء أهون من ابتدائه ، أو يقدر على الإعادة من ( يملك القدرة ){[13202]} على الابتداء إذا عرف الابتداء .

وقوله تعالى : { إن الله لطيف خبير }قال الحسن : اللطيف في الشاهد إنما يقال على وجوه ثلاثة : أحدها : أنه يقال للشيء لطيف لرأفته ، وذلك عن الله منفي .

والثاني : لما تتأتى له الأشياء ، ولا تصعب عليه .

والثالث : اللطيف هو الرحيم الرؤوف . وهذان الوجهان يضافان{[13203]} إلى الله ، والأول لا يجوز إضافته إليه .

( وقوله تعالى{ خبير }أي ) {[13204]} عليم .


[13200]:بين المؤلف أبو منصور أحوال هذا الحرف في تفسير الآية:70 من هذه السورة {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض} فقال :أن حرف {ألم} حرف يتوجه إلى وجوه:إلى التعجب مرة وإلى التنبيه والإيقاظ ثانيا وإلى إيضاح الحجج و البراهين ثالثا.
[13201]:في الأصل وم: حيث.
[13202]:في الأصل وم: لا يملك.
[13203]:في الأصل وم :يضاف.
[13204]:في الأصل وم: خبير.