ثم ذكر سبحانه دليلاً بيناً على كمال قدرته ، فقال : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السماء مَاء فَتُصْبِحُ الأرض مُخْضَرَّةً } الاستفهام للتقرير ، والفاء للعطف على { أنزل } وارتفع الفعل بعد الفاء لكون استفهام التقرير بمنزلة الخبر كما قاله الخليل وسيبويه . قال الخليل : المعنى أنزل من السماء ماء فكان كذا وكذا ، كما قال الشاعر :
ألم تسأل الربع القواء فينطق *** وهل يخبرنك اليوم بيداء سملق
معناه : قد سألته فنطق . قال الفراء : { ألم ترَ } خبر ، كما تقول في الكلام : ( إن الله ينزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرّة ) ، أي ذات خضرة كما تقول مبقلة ومسبعة ، أي ذوات بقل وسباع ، وهو عبارة عن استعجالها أثر نزول الماء بالنبات واستمرارها كذلك عادة ، وصيغة الاستقبال ، لاستحضار صورة الاخضرار مع الإشعار بتجدد الإنزال واستمراره ، وهذا المعنى لا يحصل إلا بالمستقبل ، والرفع هنا متعين ؛ لأنه لو نصب لانعكس المعنى المقصود من الآية فينقلب إلى نفي الاخضرار ، والمقصود إثباته . قال ابن عطية : هذا لا يكون ، يعني الاخضرار في صباح ليلة المطر إلا بمكة وتهامة . والظاهر أن المراد بالاخضرار اخضرار الأرض في نفسها لا باعتبار النبات فيها كما في قوله : { فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الماء اهتزت وَرَبَتْ } [ الحج : 5 ] . والمراد بقوله : { إِنَّ الله لَطِيفٌ } أنه يصل علمه إلى كل دقيق وجليل . وقيل : لطيف بأرزاق عباده . وقيل : لطيف باستخراج النبات ، ومعنى { خَبِيرٌ } أنه ذو خبرة بتدبير عباده وما يصلح لهم . وقيل : خبير بما ينطوون عليه من القنوط عند تأخير المطر . وقيل : خبير بحاجتهم وفاقتهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.