محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِنَّ ٱلۡمُبَذِّرِينَ كَانُوٓاْ إِخۡوَٰنَ ٱلشَّيَٰطِينِۖ وَكَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لِرَبِّهِۦ كَفُورٗا} (27)

[ 27 ] { إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا 27 } .

{ إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين } أي أمثالهم في كفران نعمة المال بصرفه فيما لا ينبغي . وهذا غاية المذمة لأنه لا شر من الشيطان . أو هم إخوانهم أتباعهم في المصادقة والإطاعة . كما يطيع الصديق صديقه والتابع متبوعه ، أو هم قرناؤهم في النار على سبيل الوعيد . والجملة تعليل المنهي عنه عن التبذير ، ببيان أنه يجعل صاحبه مقرونا معهم . وقوله : { وكان الشيطان لربه كفورا } من تتمة التعليل . قال أبو السعود : أي مبالغا في كفران نعمته تعالى . لأن شأنه أن يصرف جميع ما أعطاه الله تعالى من القوى ، إلى غير ما خلقت له من أنواع المعاصي ، والإفساد في الأرض ، وإضلال الناس ، وحملهم على الكفر بالله وكفران نعمه الفائضة عليهم ، وصرفها إلى غير ما أمر الله تعالى به . وتخصيص هذا الوصف بالذكر ، من بين سائر أوصافه القبيحة ، للإيذان بأن التبذير ، الذي هو عبارة عن صرف نعم الله تعالى إلى غير مصرفها ، من باب الكفران ، المقابل للشكر الذي هو عبارة عن صرفها إلى ما خلقت هي له . والتعرض لوصف الربوبية للإشعار بكمال عتوّه ، فإن / كفران نعمة الرب ، مع كون الربوبية من أقوى الدواعي إلى شكرها ، غاية الكفران ونهاية الضلال والطغيان . انتهى .

وقد استدل بالآية من منع إعطاء المال كله في سبيل الخير ، ومن منع الصدقة بكل ماله .