محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَيَجۡعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وُدّٗا} (96)

ولما فصل مساوئ الكفرة تأثره بمحاسن البررة ، فقال سبحانه :

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ( 96 ) } .

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا } أي يغرس لهم في قلوب عباده الصالحين محبة ومودة ، من غير تعرض للأسباب التي تكسب الود . كذا قالوا في تأويله . وقال أبو مسلم : معناه انه يهب لهم ما يحبون . قال : والود والمحبة سواء . آتيت فلانا محبته . وجعل لهم ما يحبون وجعلت له وده . ومن كلامهم : وددت لو كان كذا . أي أحببت . فمعناه سيعطيهم الرحمن ودهم أي محبوبهم في الجنة . ثم قال أبو مسلم : وهذا القول الثاني أولى لوجوه : أحدها – كيف يصح القول الأول مع علمنا بأن المسلم المتقي يبغضه الكفار وقد يبغضه كثير من المسلمين ؟ وثانيها – أن مثل هذه المحبة قد تحصل للكفار والفساق أكثر ، فكيف يمكن جعله إنعاما في حق المؤمنين ؟ وثالثها – أن محبتهم في قلوبهم من فعلهم .

فكان حمل الآية على إعطاء المنافع الأخروية أولى . انتهى . وقد حاول الرازي التمويه في اختيار الأول والجواب عن الثاني . والحق أحق .