ثم ذكر أمرا آخر هو أبين في عنادهم وأنهم مع الهوى فقال : { وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين 93 } .
{ وإذ أخذنا ميثاقكم } على الإيمان والطاعة . { ورفعنا فوقكم الطّور } قائلين : { خذوا ما آتيناكم } أي ما أمرتم به في التوراة { بقوة } بجد
{ واسمعوا } أطيعوا { قالوا سمعنا } قولك { وعصينا } أمرك . وظاهر السوق يقتضي أنهم قالوا ذلك حقيقة .
قال أبو مسلم : وجائز أن يكون المعنى : سمعوه فتلقوه بالعصيان . فعبّر عن ذلك بالقول وإن لم يقولوه . كقوله تعالى : { أن يقول له كن فيكون } {[655]} . { وأشربوا في قلوبهم العجل } أي حبه على حذف المضاف . وإقامة المضاف إليه مقامه للمبالغة . أو العجل مجاز عن صورته . فلا يحتاج إلى حذف المضاف . وعلى كل ، فأشربو استعارة تبعيّة . إما من إشراب الثوب الصبغ أي تداخله فيه أو من إشراب الماء أي تداخله أعماق البدن والجامع السراية في كل جزء . وإسناد الفعل إليهم إيهام لمكان الإشراب . ثم بُيِّن بقوله : { في قلوبهم } للمبالغة ، فظهر وجه العدول عن مقتضى الظاهر وهو : وأشرب قلوبهم العجل . { بكفرهم } بسبب كفرهم { قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين } أي كما زعمتم ، بالتوراة . وإضافة الأمر إلى إيمانهم تهكم كما في قصة شعيب { أصلاتك تأمرك } {[656]} وكذا إضافة الإيمان إليهم . وقوله : { إن كنتم مؤمنين } قدح في صحة دعواهم . فإن الإيمان إنما يأمر بعبادة الله وحده لا بشركة العباد لما هو في غاية البلادة . فهو غاية الاستهزاء . وحاصل الكلام : إن كنتم مؤمنين بها عاملين ، فيما ذكر من القول والعمل ، بما فيها ، فبئسما يأمركم به إيمانكم بها . وإذ لا يسوّغ الإيمان بها مثل تلك القبائح فلستم بمؤمنين بها قطعا . فجواب الشرط محذوف ، كما ترى ، لدلالة ما سبق عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.