محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَيَكۡفُرُونَ بِمَا وَرَآءَهُۥ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَهُمۡۗ قُلۡ فَلِمَ تَقۡتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبۡلُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (91)

{ وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين 91 } .

{ وإذا قيل لهم } أي لليهود { آمنوا بما أنزل الله } على محمد صلى الله عليه وسلم وصدِّقوه واتبعوه { قالوا نؤمن بما أنزل علينا } من التوراة ، ولا نقرّ إلا بها { ويكفرون بما وراءه } حال من ضمير { قالوا } بتقدير مبتدأ . أي قالوا ما قالوا وهم يكفرون بما بعده { وهو الحق مصدّقا لما معهم } منها غير مخالف له . وفيه رد لمقالتهم . لأنهم إذا كفروا بما يوافق التوراة فقد كفروا بها { قل } تبكيتا لهم ببيان التناقض بين أقوالهم وأفعالهم { فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين } أي إن كنتم صادقين في دعواكم الإيمان بما أنزل إليكم ، فلم قتلتم الأنبياء الذين جاؤوكم بتصديق التوراة التي بأيديكم وأنتم تعلمون صدقهم . قتلتموهم بغيا وعنادا ، واستكبارا على رسل الله . فلستم تتبعون إلا مجرد الأهواء والآراء والتشهي كما قال تعالى : { أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذّبتم وفريقا تقتلون } {[653]} والخطاب للحاضرين من اليهود والماضين ، على طريق التغليب ، وحيث كانوا مشاركين في العقد والعمل ، كان الاعتراض على أسلافهم اعتراضا على أخلافهم . ودلت الآية على أن المجادلة في الدين من عرف الأنبياء عليهم السلام ، وإن إيراد المناقضة على الخصم جائز .


[653]:[2/ البقرة/ 87].