{ ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدّق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين 89 } .
{ ولما جاءهم كتاب } هو القرآن الكريم الذي مقصود هذه السورة . وصفه بالهدى . وتنكيره للتفخيم . ونعته بقوله : { من عند الله } للتشريف
{ مصدّق لما معهم } من التوراة . وجواب " لما " محذوف دل عليه جواب " لما " الثانية . وعليه ، فقوله تعالى : وكانوا إلخ جملة معطوفة على الشرطية ، عطف القصة على القصة . وقيل : جوابها كفروا . ولما الثانية تكرار للأولى ، فلا تحتاج إلى جواب . وقيل : كفروا جواب للأولى والثانية لأن مقتضاهما واحد . وعلى الوجهين فجملة قوله : { وكانوا من قبل } أي قبل مجيئه { يستفتحون على الذين كفروا } جملة حالية مفيدة لكمال مكابرتهم وعنادهم . والاستفتاح : الاستنصار أي طلب النصر ، أي يطلبون من الله النصر على المشركين لما أنهم كانوا مستذلين في جزيرة العرب ، ولذا كانوا يحالفون بعض القبائل تعزّزا بهم على ما تقدم { فلما جاءهم ما عرفوا } صحتَه وصدقَه . كان من حقهم أن يسارعوا إلى الإيمان به لظفرهم بأمنيتهم حينئذ ، وهو انتصارهم على المشركين وحصول العزة لهم مع المؤمنين . ولكن { كفروا به } أي امتنعوا من الإيمان به خوفا من زوال رياستهم وأموالهم . وأصرّوا على الإنكار مع علمهم بحقيقة نبوته . ولذا قال عبد الله بن سلام في / قصة إسلامه : ( يا معشر اليهود{[647]} اتقوا الله . فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله وأنه جاء بحق ) . رواه البخاريّ في الهجرة . وروى أيضا : ( أن عبد الله بن سلام لما بلغه مقدم{[648]} النبي صلى الله عليه وسلم أتاه فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي . فلما أجابه عنها قال : أشهد أنك رسول الله ) . وسنذكر الحديث بتمامه عند قوله تعالى : { من كان عدوّا لجبريل } {[649]} الآية إن شاء الله تعالى . وقوله : { فلعنة الله على الكافرين } اللام فيه للعهد أي عليهم . ووضع المظهر موضع المضمر للإشعار بأن حلول اللعنة عليهم بسبب كفرهم ؛ كما أن الفاء للإيذان بترتيبها عليه . أو للجنس وهم داخلون على الحكم دخولا أوليا . إذ الكلام فيهم . وأيًّا ما كان فهو محقق لمضمون قوله تعالى : { بل لعنهم الله بكفرهم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.