محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَٱجۡعَل لِّي لِسَانَ صِدۡقٖ فِي ٱلۡأٓخِرِينَ} (84)

{ وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ } أي ذكرا جميلا بعدي ، أذكر به ويقتدى بي في الخير كما قال تعالى {[5927]} : { وتركنا عليه في الآخرين * سلام على إبراهيم ، كذلك نجزي المحسنين } .

قال القتيبي : وضع اللسان موضع القول على الاستعارة ، لأن القول يكون به ، وقد تكني العرب به عن الكلمة . وعليها حمل قول الأعشى {[5928]} :

إني أتتني لسان لا أسر بها *** من علو ، لا عجب منها ولا سخر

وجوز أن يكون المعنى : واجعل لي صادقا من ذريتي ، يجدد أصل ديني ويدعو الناس إلى ما كنت أدعوهم إليه من التوحيد . وهو النبي صلى الله عليه وسلم . ولذا قال صلى الله عليه وسلم {[5929]} : ( أنا دعوة أبي إبراهيم ) ، فالكلام بتقدير مضاف . أي صاحب لسان صدق . أو مجاز بإطلاق الجزء على الكل ، لأن الدعوة باللسان .


[5927]:(37 الصافات 108 – 110).
[5928]:هو أعشى باهلة. والبيت مطلع قصيدته، يرثي بها أخاه لأمه، المنتشر.
[5929]:أخرجه الإمام أحمد في مسنده بالصفحة رقم 127 من الجزء الرابع (طبعة الحلبي) عن العرباض بن سارية، بهذا النص: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنني عبد الله لخاتم النبيين، وإن آدم عليه السلام لمندجل في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك. دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين.