فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱجۡعَل لِّي لِسَانَ صِدۡقٖ فِي ٱلۡأٓخِرِينَ} (84)

{ وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ } أي اجعل لي ثناء حسنا وذكرا جميلا وجاها وصيتا وقبولا عاما في الأمم الآخرين ، الذين يأتون بعدي في الدنيا يبقى أثره إلى يوم القيامة . قال القتيبي : وضع اللسان موضع القول على الاستعارة ، لأن القول يكون بها ، وقد تكنى العرب بها عن الكلمة ، وقد أعطى الله سبحانه إبراهيم ذلك بقوله : وتركنا عليه في الآخرين ، وأجاب دعاءه ، فإن كل أمة تتمسك به وتعظمه .

وكل أهل الأديان يتولونه ويثنون عليه ، خصوصا هذه الأمة وخصوصا في كل تشهد من تشهدات الصلوات . وقال مكي : قيل معنى سؤاله أن يكون من ذريته في آخر الزمان من يقوم بالحق فأجيبت دعوته في محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فتكون الآية على تقدير مضاف ، أي صاحب لسان صدق ، أو هو مجاز من إطلاق الجزء على الكل ، لأن الدعوة باللسان ولا وجه لهذا التخصيص والتكلف .

وقال القشيري : أراد الدعاء الحسن إلى قيام الساعة ولا وجه لهذا أيضا . فإن لسان الصدق أعم من ذلك . وعن ابن عباس في الآية قال اجتماع أهل الملل على إبراهيم فما من أمة إلا وهي تحبه وتثني عليه .