محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَبۡشِرُواْ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ} (30)

{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } .

{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ } أي وحّدوه بنفي غيره ، وعرفوه بالإيقان حق معرفته { ثُمَّ اسْتَقَامُوا } أي في أخلاقهم وعقائدهم وأعمالهم . وذلك بالسلوك في طريقه تعالى ، والثبات على صراطه ، مخلصين لأعمالهم ، عاملين لوجهه ، غير ملتفتين بها إلى غيره { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ } أي في الدنيا ، بإلهامهم . أو عند الموت ، أو حين البعث { ألا تخافوا } أي ما تقدمون عليه بعد مماتكم { ولا تحزنوا } أي على ما خلفتم من دنياكم ، من أهل وولد . فإنا نخلفكم في ذلك كله . أو من الفزع الأكبر وهوله ، فإنكم آمنون لآية {[6422]} { لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة } والتنزيل يفسر بعضه بعضا . أو الآيتان في مقامين وبشارتين . وفضله تعالى أوسع ، وجوده أعم وأشمل . قال القاشانيّ : وإنما تنزلت الملائكة عليهم للمناسبة الحقيقية بينهم في التوحيد الحقيقي ، والإيمان اليقينيّ ، والعمل الثابت على منهاج الحق والاستقامة في الطريقة إليه . غير ناكثين في عزيمة ، ولا منحرفين عن وجهة ، ولا زائغين في عمل . كما ناسبت نفوس المحجوبين من أهل الرذائل الشياطين ، بالجواهر المظلمة والأعمال الخبيثة . فتنزلت عليهم . انتهى . وقوله تعالى : { وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } أي في الدنيا ، حال الإيمان بالغيب .


[6422]:[21 / الأنبياء / 103].