محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ} (42)

{ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } .

{ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ } أي لا يتطرق إليه البطلان من جهة من الجهات .

قال القاشانيّ : لا من جهة الحق فيبطله بما هو أبلغ منه وأشد إحكاما في كونه حقا وصدقا . ولا من جهة الخلق فيبطلونه بالإلحاد في تأويله ، ويغيرونه بالتحريف لكونه ثابتا في اللوح محفوظا من جهة الحق . كما قال :{[6428]} { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } وفيه تمثيل لتشبيهه بشخص حمى من جميع جهاته . فلا يمكن أعداءه الوصول إليه لأنه في حصن حصين من حماية الحق المبين . هذا على أن مابين يديه وما خلفه ، كناية عن جميع الجهات . كالصباح والمساء كناية على الزمان كله . أو المعنى : لا يتطرق إليه باطل في كل ما أخبر عنه من الأخبار الماضية والآتية . والماضية ما بين يديه ، والآتية ما خلفه . أو العكس / كما مرّ { تنزيل من حكيم حميد } قال ابن جرير : {[6429]} أي هو تنزيل من عند ذي حكمة ، بتدبير عباده وصرفهم فيما فيه مصالحهم ، محمود على نعمه عليهم بأياديه عندهم .


[6428]:[15 / الحجر / 9].
[6429]:انظر الصفحة رقم 125 من الجزء الرابع والعشرين (طبعة الحلبي الثانية).