محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمۡ هُزُوٗا وَلَعِبٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَٱلۡكُفَّارَ أَوۡلِيَآءَۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (57)

[ 57 ] { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين ( 57 ) } .

{ يا أيها الذين آمنوا } أي : مقتضى إيمانكم حفظ تعظيم دينكم { لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم } أي : الذي هو رأس مال كمالاتكم ، الذي به انتظام معاشكم ومعادكم ، وهو مناط سعادتكم الأبدية ، وسبب قربكم من ربكم { هزوا } أي : شيئا مستخفا { ولعبا } أي : سخرية وضحكا ، مبالغة في الاستخفاف به حتى لعبوا بعقول أهله . / ثم بين المستهزئين وفصلهم بقوله تعالى : { من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار } قرئ بالنصب والجر ، يعني المشركين كما في قراءة ابن مسعود { ومن الذين أشركوا } { أولياء } في العون والنصرة . وإنما رتب النهي على وصف اتخاذهم الدين هزوا ولعبا ، تنبيها على العلة ، وإيذانا بأن من هذا شأنه ، جدير بالبغضاء والشنآن والمنابذة . فكيف بالموالاة ؟ { واتقوا الله } أي : في ذلك ، بترك موالاتهم ، أو بترك المناهي على الإطلاق . فيدخل فيه ترك موالاتهم دخولا أوليا { إن كنتم مؤمنين } أي : حقا ، فإن قضية الإيمان توجب الاتقاء لا محالة .