محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَأَنجَيۡنَٰهُ وَأَهۡلَهُۥٓ إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (83)

ولما همّ قوم لوط بإخراجه ونفيه ومن معه من بين أظهرهم ، أخرجه الله تعالى سالما ، وأهلكهم في أرضهم صاغرين مهانين ، كما أشار لذلك بقوله سبحانه :

[ 83 ] { فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين ( 83 ) } .

{ فأنجيناه وأهله } أي ومن يختص به من ذويه ، أو من المؤمنين لطيبهم . قال ابن كثير : ولم يؤمن به أحد منهم سوى أهل بيته فقط ، كما قال تعالى{[4133]} : { فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين ، فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين } { إلا امرأته } أي فإنا لم ننجها لخبثها . قال ابن كثير : إنما لم تؤمن به ، بل كانت على دين قومها ، تمالئهم عليه ، وتعلمهم بمن يقدم عليه من ضيفانه بإشارات بينها وبينهم . ولهذا ، لَمَّا أمِر لوط عليه السلام ليسري بأهله ، أمِر أن لا يعلمها ولا يخرجها من البلد . ومنهم من يقول بل اتبعتهم ، فلما جاء العذاب التفتت هي فأصابها ما أصابهم . والأظهر أنها لم تخرج من البلد ، ولا أعلمها لوط ، بل بقيت معهم . ولهذا قال ههنا : { إلا امرأته } { كانت من الغابرين } أي من الذين غبروا في ديارهم ، أي بقوا فهلكوا . وقيل : من الهالكين . وهو تفسير باللازم . والتذكير للتغليب ، ولبيان استحقاقها لما يستحقه المباشرون للفاحشة .


[4133]:- [51/ الذاريات/35 و36].