الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَأَنجَيۡنَٰهُ وَأَهۡلَهُۥٓ إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (83)

قال الله ( عز وجل{[24334]} ) : { فأنجيناه وأهله }[ 83 ] ، يريد ابنتيه{[24335]} ، { إلا امرأته } ، لم تنج ؛ لأنها كانت خائنة للوط كافرة{[24336]} ، { كانت من الغابرين }[ 83 ] ، أي : من الباقين في الهالكين{[24337]} .

وقيل المعنى : { من الغابرين } ، [ أي : من الغائبين{[24338]} ] عن النجاة{[24339]} .

قال حذيفة : إنما حق القول على قوم لوط حين استغنى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء{[24340]} .

وقال [ أبو{[24341]} ] عبيدة المعنى : { كانت من الغابرين } ، أي : من المُعمَّرين أي : قد هرِمت{[24342]} .

قال حذيفة : رفع جبريل ( عليه السلام{[24343]} ) مدينتهم ثم قلبها ، فسمعت الوَجْبَةَ{[24344]}امرأته ، فالتفتت ، فأهلكت معهم{[24345]} .

وروي أن جبريل ، عليه السلام{[24346]} ، اقتلع مدائنهم وهي ست فأهوى بها حتى بلغ بها السماء بجناح واحد ، حتى سمع أهل السماء نُهَاق الحمير ، ونُباح الكلاب ، وصراخ الديوك ، ثم قلبها فجعل عاليها سافلها ، وتبعت الحجارة من كان خارج المدائن منهم{[24347]} .

والغابر في اللغة : من الأضداد هو الباقي ، والذاهب{[24348]} .

وذكَّر هذا الجمع ؛ لأنه غلَّب فيه المذكر [ على المؤنث ]{[24349]} .


[24334]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[24335]:انظر: معاني القرآن للزجاج 2/353، وتفسير الماوردي 2/237، وتفسير البغوي 3/256، وزاد المسير 3/228، وتفسير الخازن 2/110، والبحر المحيط 4/338.
[24336]:جامع البيان 12/551، بلفظ: "...، إلا امرأته، فإنها كانت للوط خائنة، وبالله كافرة".
[24337]:قال قتادة: "من الباقين في عذاب الله"، كما في تفسير ابن أبي حاتم 5/1519، والدر المنثور 3/496. وقال الزجاج، معاني القرآن وإعرابه، 2/353: "قال أهل اللغة: {من الغابرين}، من الباقين، أي من الباقين في الموضع الذي عذبوا فيه". انظر: جامع البيان 12/551، وما بعدها. وفي "ج": من الباقين في الهلاك.
[24338]:زيادة من معاني القرآن للزجاج 2/353، الذي نقل عنه مكي.
[24339]:معاني القرآن وإعرابه للزجاج 2/353، وتفسير القرطبي 7/157، والبحر المحيط 4/338.
[24340]:الدر المنثور 3/496. والأثر ساقط من ج.
[24341]:من "ج" و"ر".
[24342]:انظر: مجاز القرآن 1/218، ونص كلامه: "أي: كانت قد غبرت من كبرها في الغابرين، في الباقين حتى هرموا وهرمت، وهي قد أهلكت مع قومها فلم تغبر بعدهم فتبقى، ولكنها كانت قبل ذلك من الغابرين، وجعلها من الرجال والنساء وقال: {من الغابرين}، لأن صفة النساء مع صفة الرجال تُذَكَّر إذا أشرك بينهما،....". والخلاصة التي أوردها مكي لكلام أبي عبيدة هاهنا هي للنحاس كما في تفسير القرطبي 7/157.
[24343]:ما بين الهلالين ساقط من "ج" و"ر".
[24344]:الوجبة: السقطة مع الهدة، أو صوت الساقط. القاموس/وجب. وقال ابن فارس، معجم المقاييس في اللغة /وجب: "الواو والجيم والباء أصل واحد، يدل على سقوط الشيء ووقوعه".
[24345]:انظر: تفسير ابن أبي حاتم 6/2066.
[24346]:في "ر" صلى الله عليه وسلم.
[24347]:انظر: المحرر الوجيز 2/424، وتفسير القرطبي 7/157، وتفسير الخازن 2/110، والبحر المحيط 4/338.
[24348]:انظر الأضداد لابن الأنباري 129، والأضداد لأبي الطيب اللغوي 331، وما بعدها، وتفسير القرطبي 7/157، وحاشية الجمل على الجلالين 3/70. وانظر: المحرر الوجيز 2/425، والدر المصون 3/299.
[24349]:زيادة من "ج". وبشأن تغليب المذكر على المؤنث، انظر: نص أبي عبيدة السالف ذكره، وجامع البيان 12/551، وتفسير الخازن 2/110، والبرهان للزركشي 3/302.