محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا} (28)

{ أأنتم أشد خلقا أم السماء } خطاب للمكذبين بالبعث من قريش المتقدم قولهم أول السورة بطريق التبكيت لتنبيههم على سهولته في جانب القدرة الربانية فإن من رفع السماء على عظمها هين عليه خلقهم وخلق أمثالهم وإحياؤهم بعد مماتهم كما قال سبحانه{[7341]} { لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس } وقوله تعالى{[7342]} { أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم } ثم بين كيفية خلقها بقوله { بناها } قال ابن جرير{[7343]} أي رفعها فجعلها للأرض سقفا وقال الإمام البناء ضم الأجزاء المتفرقة بعضها إلى بعض مع ربطها بما يمسكها حتى يكون عنها بنية واحدة وهكذا صنع الله بالكواكب وضع كلا منها على نسبة من الآخر مع ما يمسك كلا في مداره حتى كان عنها عالم واحد في النظر سمي باسم واحد وهو السماء التي تعلونا وهو معنى قوله { رفع سمكها }

{ رفع سمكها } أي أعلاه و ( السمك ) قامة كل شيء وقد رفع تعالى أجرامها فوق رؤوسنا { فسواها } عدلها بوضع كل جرم في موضعه


[7341]:40/غافر/ 57.
[7342]:36/يس/ 81.
[7343]:انظر الصفحة رقم 43 من الجزء الثلاثين (طبعة الحلبي الثانية).