وقوله : «رَفَعَ سَمْكهَا » جملة مفسرة لكيفية البناء ، «والسَّمْك » : «الارتفاع » .
قال الزمخشريُّ{[59295]} : «جعل مقدار ذهابها في سمتِ العلوِّ مديداً رفيعاً » .
وسكمتُ الشيء : رفعته في الهواء ، وسمك هو ، أي : ارتفع سُمُوكاً ، فهو قاصرٌ ومتعدٍّ ، وبناء مسموك ، وسنامٌ سَامِكٌ تَامِكٌ ، أي : عالٍ مرتفعٌ ، وسماك البيت ما سمكته به ، والمسموكاتُ : السماوات ويقال : اسمك في الدّيم ، أي : اصعد في الدرجة ، والسماك : نجم معروف ، وهما اثنان ، رامح وأعزل ؛ قال الشاعر : [ الكامل ]
5099- إنَّ الذي سَمكَ السَّماءَ بَنَى لَنَا *** بَيْتاً دَعَائِمُهُ اعَزُّ وأطْوَلُ{[59296]}
وقال البغويُّ{[59297]} : «رفَعَ سمْكهَا » أي : سقفها .
قال الكسائيُّ والفراء والزجاج : هذا الكلام تم عند قوله تعالى : { أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السمآء بَنَاهَا } ، قال : لأنَّه من أصله السماء ، والتقدير : «أم السماء التي بناها » فحذف «التي » ، ومثل هذا الحذف جائز .
قال القفالُ{[59298]} : يقال : الرجل جاءك عاقل ، أي : الرجل الذي جاءك عاقل ، وإذا ثبت جواز ذلك في اللغة ، فنقول : الدَّليل على أن قوله تعالى : «بَنَاهَا » صلةٌ لما قبله ، أنَّه لو لم يكن صلة لكان صفة فقوله : «بَنَاهَا » صفة ، ثم قوله : «رَفَعَ سَمْكهَا » صفة ، فقد توالت صفتان ، لا تعلُّق لإحداهما بالأخرى ، فكان يجب إدخال العاطف بينهما ، كما في قوله : «وأغطَشَ ليْلهَا » ، ولمَّا لم يكن كذلك ، علمنا أنَّ قوله : «بَناهَا » صلةٌ للسَّماءِ ، فكان التقدير : «أم السَّماء التي بناهَا » ، وهذا يقتضي وجود سماءٍ ما بَنَاهَا اللهُ ، وذلك باطل .
وقوله : { فَسَوَّاهَا } أي : خَلقهَا خَلْقاً مستوياً ، لا تفاوت فيه ، ولا فطور ، ولا شقوق .
فصل فيمن استدل بالآية على أن السماء كرة
قال ابن الخطيب{[59299]} : واستدلُّوا بهذه الآية على كونِ السَّماء كُرةً ، قالوا : لأنه لو لم تكن كرةً لكان بعضُ جوانبها سطحاً ، والبعض زاويةً والبعضُ خطًّا ، ولكان بعض أجزائه اقرب إلينا ، والبعض الآخر أبعد ، فلا تحصل التَّسويةُ الحقيقية ، ثُمَّ قالوا : لما ثبت أنَّها محدثةٌ مُفتقِرةٌ إلى فاعل مختار ، فأيُّ ضررٍ في الدِّين يُنافِي كونها كرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.