محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمۡ لِيُرۡضُوكُمۡ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَحَقُّ أَن يُرۡضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤۡمِنِينَ} (62)

وقوله تعالى :

[ 62 ] { يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين 62 } .

{ يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين } قال الزمخشريّ : الخطاب للمسلمين ، وكان المنافقون يتكلمون بالمطاعن ، أو يتخلفون عن الجهاد ، ثم يأتونهم فيعتذرون إليهم ويؤكدون معاذرهم بالحلف ليعذروهم ويرضوا عنهم فقيل لهم : إن كنتم مؤمنين كما تزعمون فأحق من أرضيتم الله ورسوله بالطاعة والوفاق . انتهى .

ولما كان الظاهر بعد العطف بالواو التثنية ، وقد أفرد- وجّهوه :

بأن إرضاء الرسول إرضاء لله تعالى ، لقوله تعالى{[4568]} : { من يطع الرسول فقد أطاع الله } فلتلازمهما جعلا كشيء واحد ، فعاد عليهما الضمير المفرد ، و { أحق } ، على هذا ، خبر عنهما من غير تقدير .

أو بأن الضمير عائد إلى الله تعالى ، و { أحق } خبره ، لسبقه . والكلام جملتان ، حذف خبر الجملة الثانية ، لدلالة الأولى عليه . أي : والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك . / وسيبويه جعله للثاني ، لأنه أقرب ، مع السلامة من الفصل بين المبتدأ والخبر كقوله{[4569]} :

نحن بما عندنا وأنت بما عن*** دك راض والرأي مختلف

أو بأن الضمير لهما بتأويل ما ذكر ، أو كل منهما ، وأنه لم يثن تأدبا لئلا يجمع بين الله وغيره في ضمير تثنية ، وقد نهى عنه ، على كلام فيه .

أو بأن الكلام في إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم وإرضائه ، فيكون ذكر الله تعظيما له وتمهيدا . فلذا لم يخبر عنه ، وخص الخبر بالرسول . قال الشهاب : وفيه تأمل . انتهى .

وقد عهد لهم القول بمثله في آيات كثيرة ، وجواب الشرط مقدر يدل عليه ما قبله ، وقراءة التاء على الالتفات ، للتوبيخ .


[4568]:[4 / النساء / 80].
[4569]:من أبيات الكتاب (ج 1 ص 38) وقائله قيس بن الخطيم. قال الشنتمري: استشهد به مقويا لما جاز من حذف المفعول الذي هو فضلة مستغنى عنها، في قولهم: ضربت وضربني زيد.