قوله تعالى : { وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } : إنما أفرد الضمير في " يُرْضوه " ، وإن كان الأصل في العطف بالواو المطابقةَ لوجوهٍ أحدُها : أنَّ رضا الله ورسولِه شيء واحد : مَنْ أطاع الرسول فقد أطاع [ الله ] ، { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ } [ الفتح : 10 ] ، فلذلك جَعل الضميرين ضميراً واحداً مَنْبَهة على ذلك . والثاني : أن الضميرَ عائد على المثنى بلفظ الواحد بتأويل " المذكور " كقول رؤبة :
2507 فيها خطوطٌ مِنْ سوادٍ وبَلَقْ *** كأنه في الجلد تَوْلِيْعُ البَهَقْ
أي : كأن ذاك المذكور . وقد تقدَّم لك بيان هذا في أوائل البقرة . الثالث : قال المبرد : في الكلام تقديمٌ وتأخير تقديره : والله أحقُّ أن يُرْضوه ورسولُه . قلت : وهذا على رأي مَنْ يدَّعي/ الحَذْفَ من الثاني . الرابع : وهو مذهب سيبويه أنه حَذَفَ خبر الأول وأبقى خبر الثاني . وهو أحسن من عكسه وهو قولُ المبردِ ، لأن فيه عدمَ الفصل بين المبتدأ أو خبره ، ولأن فيه أيضاً الإِخبار بالشيء عن الأقرب إليه ، وأيضاً فهو متعيَّنٌ في قول الشاعر :
1508 - نحن بما عندنا وأنت بما *** عندكَ راضٍ والرأيُ مختلفُ
أي : نحن راضُون ، حَذَفَ " راضون " لدلالةِ خبر الثاني عليه . قال ابن عطية : " مذهبُ سيبويهِ أنهما جملتان حُذِفَت الأولى لدلالةِ الثانيةِ عليها " . قال الشيخ : " إن كان الضمير في " أنهما " عائداً على كلِّ واحدةٍ من الجملتين فكيف يقول " حُذفت الأولى " والأُوْلى لم تُحْذَفْ ، إنما حُذِفَ خبرُها ، وإن كان عائداً على الخبر وهو { أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } فلا يكونُ جملةُ إلا باعتقاد أن يكون " أن يُرْضُوه " مبتدأً وخبره " أحقُّ " مقدَّماً عليه ، ولا يتعيَّنُ هذا القولُ إذ يجوزُ أن يكونَ الخبرُ مفرداً بأن يكونَ التقدير : أحقُّ بأَنْ تُرْضوه " . قلت : إنما أراد أبو محمد التقديرَ الأول وهو المشهورُ عند المُعْربين ، يجعلون " أحق " خبراً مقدماً ، و " أن يرضوه " مبتدأ مؤخراً [ أي ] : واللَّهُ ورسولُه إرضاؤُه أحقُّ ، وقد تقدَّم تحريرُ هذا قريباً في قوله : { فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ } [ التوبة : 13 ] .
و { إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } شرطٌ جوابُه محذوفٌ أو متقدم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.