فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمۡ لِيُرۡضُوكُمۡ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَحَقُّ أَن يُرۡضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤۡمِنِينَ} (62)

{ يحلفون بالله لكم ليرضوكم } الخطاب للمؤمنين وذلك أن المنافقين كانوا في خلواتهم يطعنون على المؤمنين وعلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإذا بلغ ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى المؤمنين جاء المنافقون فحلفوا على أنهم لم يقولوا ما بلغ عنهم ، قاصدين بهذه الأيمان الكاذبة أن يرضوا رسول الله ومن معه من المؤمنين فنعى الله ذلك عليهم فقال : { والله ورسوله أحق أن يرضوه } من إرضاء المؤمنين بالأيمان الكاذبة فإنهم لو اتقوا الله وتركوا النفاق لكان ذلك أولى لهم .

وإفراد الضمير في يرضوه إما للتعظيم للجناب الإلهي بإفراده بالذكر ، أو لكونه لا فرق بين إرضاء الله وإرضاء رسوله ، فإرضاء الله إرضاء لرسوله أو المراد الله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك كما قال سيبويه ورجحه النحاس أو لأن الضمير موضوع موضع الإشارة فإنه يشار به إلى الواحد والمتعدد أو الضمير راجع على المذكور وهو يصدق عليهما ، وقال الفراء : المعنى ورسوله أحق أن يرضوه ، والله افتتاح كلام كما تقول ما شاء الله وشئت .

وجواب { إن كانوا مؤمنين } محذوف أي فليرضوا الله ورسوله فإنهما أحق الإرضاء ولا يكون ذلك إلا بالطاعة والمتابعة وإيفاء الحقوق في باب الإجلال والإعظام مشهدا ومغيبا .