بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمۡ لِيُرۡضُوكُمۡ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَحَقُّ أَن يُرۡضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤۡمِنِينَ} (62)

ثم جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلفوا ، فأخبر الله تعالى أنهم كاذبون في حلفهم ، فقال : { يَحْلِفُونَ بالله لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ } بحلفهم الكاذب . { والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } . قال الزجاج : لم يقل أحق أن يرضوهما ، لأن في الكلام دليلاً عليه ، لأن في رضى الله تعالى رضى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فحذف تخفيفاً . ومعناه والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه ، كما قال الشاعر :

نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بَمَا . . . عِنْدَكَ رَاضٍ والرَّأْيُ مُخْتَلِفُ

أي نحن بما عندنا راضون وأنت بما عندك راضٍ ؛ ويقال : يكره أن يجمع بين ذكر الله تعالى وذكر الرسول في كتابة واحدة ، ويستحب أن يكون ذكر الله تعالى مقدماً وذكر النبي عليه السلام مؤخراً . وذكر في بعض الأخبار أن خطيباً قام عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال في خطبته : من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى فقال النبي عليه السلام : « بِئْسَ الخَطِيبُ أَنْتَ » لأنه كان يجب أن يقول : ومن يعص الله ورسوله فقد غوى . ثم قال : { إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } ، يعني : مصدقين بقلوبهم في السر .