الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمۡ لِيُرۡضُوكُمۡ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَحَقُّ أَن يُرۡضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤۡمِنِينَ} (62)

ثم قال تعالى حكاية عنهم : { يحلفون بالله لكم ليرضوكم }[ 62 ] ، أي : ليرضوكم إذا بلغهم/عنكم أنكم سمعتم بأذاهم للنبي ، فحلفوا أنهم ما فعلوا ذلك ، وأنهم لعلى دينكم {[29146]} .

{ والله ورسوله أحق أن يرضوه }[ 65 ] .

التقدير عند سيبويه : والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه ، ثم حذف الأول لدلالة الكلام عليه {[29147]} .

والقدير عند المبرد : أنه لا حذف في الكلام ، وأن فيه تقديما وتأخيرا ، والمعنى عنده : والله أحق أن يرضوه ور[ {[29148]}سوله ] {[29149]} .

وقد رُد هذا القول ؛ لأن التقديم والأخير إنما يلزم إذا لم يكن استعمال اللفظ على ظاهره ، فإذا حسُن استعمال اللفظ عل سياقه لم يقدر {[29150]} به غير ترتيبه {[29151]} .

وقد رُد أيضا قول سيبويه بأن قيل : الإضمار إنما يلزم إذ لم يجز استعمال اللفظ بظاهره من سياقه {[29152]} ، أو من تقدير فيه ، فأما إذا جاز استعماله بغير زيادة على وجه ما ، لم يجز تقدير إضمار وحذف {[29153]} .

وقوله {[29154]} : { إن كانوا مومنين }[ 62 ] .

أي : مصدقين فيما زعموا .

ذكر بعض المفسرين : أن رجلا من المنافقين ، انتقص النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمعه ابن امرأته ، فمضى إلى النبي عليه السلام ، فأخبره ، فوجه النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى المنافق ، فأتاه ، فقال : ما حملك على ما قلت ؟ فأقبل المنافق يحلف بالله ما قال ذلك ، وجعل ابن امرأته يقول : اللهم صدق الصادق ، وكذب الكاذب ، فأنزل الله عز وجل : { يحلفون [ بالله ] {[29155]} لكم ليرضوكم } ، الآية .


[29146]:جامع البيان 14/329، باختصار.
[29147]:مشكل إعراب القرآن 1/331، وزاد: "والهاء" على قوله في {يرضوه} تعود على الرسول صلى الله عليه وسلم"، وهو الاختيار فيه، وإعراب القرآن للنحاس 2/224، والمحرر الوجيز 3/53، وتفسير القرطبي 8/123، والبحر المحيط 5/65.
[29148]:زيادة من "ر".
[29149]:مشكل إعراب القرآن 1/113، وزاد "فـ "الهاء" في: {يرضوه} عند المبرد تعود على الله، جل ثناؤه، وتنظر: المصادر السالفة في تقدير سيبويه.
[29150]:في "ر"، تقدر.
[29151]:انظر: مشكل إعراب القرآن 1/332، وإعراب القرآن للنحاس 2/224، والمحرر الوجيز 3/53.
[29152]:في "ر": من سياقه، إلى من تقدير فيه، لم أتبينه.
[29153]:لم أقف عليه فيما لدي من مصادر، انظر البحر المحيط 5/65.
[29154]:ما بين الهلالين ساقط من "ر".
[29155]:جامع البيان 14/329، 330، عن قتادة، وأسباب النزول للواحدي 254/255، عن السدي، وزاد المسير 3/460، عن السدي كذلك، مع اختلاف في بعض ألفاظه.