{ من بين أيديهم ومن خلفهم } : أي أتتهم رسلهم تعرض عليهم دعوة الحق من أمامهم ومن ورائهم .
{ لو شاء ربنا لأنزل ملائكة } : أي بدلاً عنكم أيها الرسل من البشر .
وقوله : { إذ جاءتهم الرسل } وهم هود وصالح من بين أيديهم ومن خلفهم كناية أن الرسول بلغهم دعوة الله لهم إلى الإِيمان والتوحيد بعناية فائقة يأتيهم من أمامهم ومن خلفهم يدعوهم ، قائلاً لهم : لا تعبدوا إلا الله فإنه الإِله الحق وما عداه فباطل فكان جوابهم لهم لا نؤمن لكم ولا نقبل منكم لو شاء الله ما تقولون لنا لأنزل به ملائكة يدعوننا إليه لا أن يرسل مثلكم من البشر وأخيراً قالوا لهم فإننا بما أرسلتم به كافرون فأيأسوا الرسل من إجابتهم . هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى ( 12 ) والثانية ( 13 ) وفي الآية الثالثة ( 14 ) بين تعالى حال القوم كلا على حدة فقال فأما عاد أي قوم هود فاستكبروا في الأرض بغير الحق فحملهم الكبر الناجم عن القوة المادية على رفض دعوة هود عليه السلام وقالوا فيه وفي دعوته الكثير وقد مر في سورة هود ويأتي في سورة الأحقاف مفصلا ما أجمل هنا ، وقوله بغير الحق أي أن استكبارهم لاحق لهم فيه أولا لضعفهم أمام قوة الله عز وجل ، وثانيا لم يأذن الله تعالى لهم بالاستكبار فهو بغير حق إذاً .
- تقرير التوحيد وهو أن لا إله إلا الله .
- دعوة الرسل واحدة وهي الأمر بالكفر بالطاغوت ، والإِيمان بالله وعبادته وحده بما شرع للناس من عبادات .
حيث { جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أي : يتبع بعضهم بعضا متوالين ، ودعوتهم جميعا واحدة . { أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ } أي : يأمرونهم بالإخلاص للّه ، وينهونهم عن الشرك ، فردوا رسالتهم وكذبوهم ، { قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً } أي : وأما أنتم فبشر مثلنا { فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } وهذه الشبهة لم تزل متوارثة بين المكذبين ، من الأمم{[772]} وهي من أوهى الشُّبَهِ ، فإنه ليس من شرط الإرسال ، أن يكون المرسل مَلَكًا ، وإنما شرط الرسالة ، أن يأتي الرسول بما يدل على صدقه ، فَلْيَقْدَحُوا ، إن استطاعوا بصدقهم ، بقادح عقلي أو شرعي ، ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا .
{ إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم } معنى : ما بين الأيدي المتقدم ، معنى : ما خلف المتأخر ، فمعنى الآية : أن الرسل جاؤهم في الزمان المتقدم واتصلت نذارتهم إلى زمان عاد وثمود حتى قامت عليهم الحجة بذلك من بين أيديهم ثم جاءتهم رسل آخرون عند اكتمال أعمارهم فذلك من خلفهم قاله ابن عطية وقال الزمخشري : معناه أتوهم من كل جانب فهو عبارة عن اجتهادهم في التبليغ إليهم وقيل : أخبروهم بما أصاب من قبلهم فذلك ما بين أيديهم وأنذروهم ما يجري عليهم في الزمان المستقبل وفي الآخرة فذلك من خلفهم .
{ أن لا تعبدوا إلا الله } أن حرف عبارة وتفسير أو مصدرية على تقدير بأن لا تعبدوا إلا الله . { فإنا بما أرسلتم به كافرون } ليس فيه اعتراف الكفار بالرسالة وإنما معناه بما أرسلتم على قولكم ودعواكم وفيه تهكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.