تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم نعتهم ، فقال : { الذين هم عن صلاتهم ساهون } يعني لاهون عنها ، حتى يذهب وقتها ، وإن كانوا في خلال ذلك يصلونها . ...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله : { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلّينَ الّذِين هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ } يقول تعالى ذكره : فالوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم للمنافقين الذين يصلون ، لا يريدون الله عزّ وجلّ بصلاتهم ، وهم في صلاتهم ساهون إذا صلوها .
واختلف أهل التأويل في معنى قوله : { عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ }؛
فقال بعضهم : عُنِي بذلك أنهم يؤخّرونها عن وقتها ، فلا يصلونها إلا بعد خروج وقتها ...
وقال آخرون : بل عُني بذلك أنهم يتركونها فلا يصلونها ... عن ابن عباس ، في قوله : { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلّينَ الّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ } فهم المنافقون كانوا يراؤون الناس بصلاتهم إذا حضروا ، ويتركونها إذا غابوا ، ويمنعونهم العارية بغضا لهم ، وهو الماعون ...
وقال آخرون : بل عُني بذلك أنهم يتهاونون بها ، ويتغافلون عنها ويَلْهُونَ ...
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب بقوله : "ساهُونَ" : لاهون يتغافلون عنها ، وفي اللهو عنها والتشاغل بغيرها ، تضييعها أحيانا ، وتضييع وقتها أخرى، وإذا كان ذلك كذلك صحّ بذلك قول من قال : عُنِي بذلك ترك وقتها ، وقول من قال : عُنِي به تركها ، لما ذكرت من أن في السهو عنها المعاني التي ذكرت .
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
كأنه قال : فإذا كان الأمر كذلك ، فويل للمصلين الذين يسهون عن الصلاة قلة مبالاة بها ، حتى تفوتهم أو يخرج وقتها ، أو لا يصلونها كما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف ، ولكن ينقرونها نقراً من غير خشوع وإخبات ، ولا اجتناب لما يكره فيها : من العبث باللحية ، والثياب ، وكثرة التثاؤب ، والالتفات ، لا يدري الواحد منهم عن كم انصرف ، ولا ما قرأ من السور ، وكما ترى صلاة أكثر من ترى الذين عادتهم الرياء بأعمالهم ، ومنع حقوق أموالهم ....
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ الذين هم } أي بضمائرهم وخالص سرائرهم . ولما كان المراد تضييعهم قال : { عن } دون في { صلاتهم } ، أي هي جديرة بأن تضاف إليهم لوجوبها عليهم وإيجابها لأجل مصالحهم ومنافعهم بالتزكية وغيرها . { ساهون } أي عريقون في الغفلة عنها ، وتضييعها ، وعدم المبالاة بها ، وقلة الالتفات إليها ، ويوضح ذلك أن ابن مسعود رضي الله عنه قرأ " لاهون " . وفائدة التعبير بالوصف الدلالة على ثبوته لهم ثبوتاً يوجب أن لا يذكروها من ذات أنفسهم أصلاً ....
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
الذين يؤدون حركات الصلاة ، وينطقون بأدعيتها ، ولكن قلوبهم لا تعيش معها ، ولا تعيش بها ، وأرواحهم لا تستحضر حقيقة الصلاة وحقيقة ما فيها من قراءات ودعوات وتسبيحات .
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
فيكون قوله { الذين هم عن صلاتهم ساهون } ترشيحاً للتهكم الواقع في إطلاق وصف المصلين عليهم . ... وعدي { ساهون } بحرف { عن } لإفادة أنهم تجاوزوا إقامة صلاتهم وتركوها ولا علاقة لهذه الآية بأحكام السهو في الصلاة . ...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
ويلاحظ أنّ الآية لم تقل «في صلاتهم ساهون » ؛ لأنّ السهو في الصلاة يعرض لكلّ فرد ، ولكنّها قالت : «عن صلاتهم ساهون » . فهم يسهون عن الصلاة بأجمعها . واضح أنّ هذه الحالة لو اتفق وقوعها مرّة أو مرات لأمكن أن يكون ذلك عن قصور . لكن الذي يسهو عن صلاته دائماً فهو المهمل لصلاته ، لعدم إيمانه بها ، وإذا صلى أحياناً فلخوف من ألسن النّاس وأمثال ذلك .
{ الذين هم عن صلاتهم ساهون } فروى الضحاك عن ابن عباس قال : هو المصلي الذي إن صلى لم يرج لها ثوابا ، وإن تركها لم يخش عليها عقابا . وعنه أيضا : الذين يؤخرونها عن أوقاتها . وكذا روى المغيرة عن إبراهيم ، قال : ساهون بإضاعة الوقت . وعن أبي العالية : لا يصلونها لمواقيتها ، ولا يتمون ركوعها ولا سجودها .
قلت : ويدل على هذا قوله تعالى : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة } [ مريم : 59 ] حسب ما تقدم بيانه في سورة " مريم " {[16470]} عليها السلام . وروي عن إبراهيم أيضا : أنه الذي إذا سجد قام برأسه هكذا ملتفتا . وقال قطرب : هو ألا يقرأ ولا يذكر الله . وفي قراءة عبد الله " الذين هم عن صلاتهم لاهون " . وقال سعد بن أبي وقاص : قال النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون } - قال - : ( الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ، تهاونا بها ) . وعن ابن عباس أيضا : هم المنافقون يتركون الصلاة سرا ، يصلونها علانية { وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى }{[16471]} [ النساء : 142 ] . . الآية . ويدل على أنها في المنافقين قوله : { الذين هم يراؤون } ، وقال ابن وهب عن مالك : قال ابن عباس : ولو قال في صلاتهم ساهون لكانت في المؤمنين . وقال عطاء : الحمد لله الذي قال { عن صلاتهم } ، ولم يقل في صلاتهم . قال الزمخشري : فإن قلت : أي فرق بين قوله : { عن صلاتهم } ، وبين قولك : في صلاتهم ؟ قلت : معنى " عن " أنهم ساهون عنها سهو ترك لها ، وقلة التفات إليها ، وذلك فعل المنافقين ، أو الفسقة الشطار{[16472]} من المسلمين . ومعنى " في " أن السهو يعتريهم فيها ، بوسوسة شيطان ، أو حديث نفس ، وذلك لا يكاد يخلو منه مسلم . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع له السهو في صلاته ، فضلا عن غيره ، ومن ثم أثبت الفقهاء باب سجود السهو في كتبهم . قال ابن العربي : لأن السلامة من السهو محال ، وقد سها رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته والصحابة ، وكل من لا يسهو في صلاته ، فذلك رجل لا يتدبرها ، ولا يعقل قراءتها ، وإنما همه في أعدادها ، وهذا رجل يأكل القشور ، ويرمي اللب . وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسهو في صلاته إلا لفكرته في أعظم منها ، اللهم إلا أنه قد يسهو في صلاته من يقبل على وسواس الشيطان إذا قال له : اذكر كذا ، اذكر كذا ؛ لما لم يكن يذكر ، حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.