نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ} (5)

ولما كان الحكم إنما هو على ذات الموضع من غير اعتبار لوصفه بالفعل علم أن المقصود إنما هو من كان مكلفاً بالصلاة ؛ لأن من كان متلبساً بها مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " ، فلذلك وصفهم بقوله : { الذين هم } أي بضمائرهم وخالص سرائرهم . ولما كان المراد تضييعهم قال : { عن } دون في { صلاتهم } ، أي هي جديرة بأن تضاف إليهم لوجوبها عليهم وإيجابها لأجل مصالحهم ومنافعهم بالتزكية وغيرها . { ساهون * } أي عريقون في الغفلة عنها ، وتضييعها ، وعدم المبالاة بها ، وقلة الالتفات إليها ، ويوضح ذلك أن ابن مسعود رضي الله عنه قرأ " لاهون " . وفائدة التعبير بالوصف الدلالة على ثبوته لهم ثبوتاً يوجب أن لا يذكروها من ذات أنفسهم أصلاً ، ولذلك كشفه بما بعده . روى البغوي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الآية فقال : " هو إضاعة الوقت " . وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : هم المنافقون يتركون الصلاة إذا غابوا ، ويصلونها إذا حضروا مع الناس .