فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ} (5)

{ الذين هم عن صلاتهم ساهون } أي غافلون غير مبالين . وإنما عبر ب( عن ) دون ( في ) ؛ لأن صلاة المؤمن لا تخلو عن سهو بدليل وقوعه للأنبياء ، ولأن المراد السهو عن الصلاة بتأخرها عن وقتها لا السهو فيها .

قال الواحدي : نزلت في المنافقين الذين لا يرجون بصلاتهم ثوابا إن صلوا ، ولا يخافون عليها عقابا إن تركوا ، فهم عنها غافلون حتى يذهب وقتها ، وإذا كانوا مع المؤمنين صلوا رياء ، وإذا لم يكونوا معهم لم يصلوا .

قال النخعي : { الذين هم عن صلاتهم ساهون } هو الذي إذا سجد قال برأسه هكذا وهكذا ملتفتا . وقال قطرب : هو الذي لا يقرأ ولا يقرأ ولا يذكر الله ؛ وقرأ ابن مسعود ( لاهون ) مكان { ساهون } . قال ابن عباس : هم المنافقون يتركون الصلاة في السر ، ويصلون في العلانية .

عن مصعب بن سعد قال : قلت لأبيّ : أرأيت قول الله : { الذين هم عن صلاتهم ساهون } أينا لا يسهو ؟ أينا لا يحدث نفسه ؟ قال : إنه ليس كذلك ، إنه إضاعة الوقت .

وعن سعد بن أبي وقاص قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الآية ، قال : " هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها " . قال الحاكم والبيهقي : الموقوف أصح إسنادا . قال ابن كثير : ضعف البيهقي رفعه ، وصحح وقفه ، وكذلك الحاكم .

وعن أبي برزة الأسلمي قال : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " الله أكبر ، هذه الآية خير لكم من أن يعطى كل رجل منكم جميع الدنيا ، هو الذي إن صلى لم يرج خير صلاته ، وإن تركها لم يخف ربه " ، رواه ابن جرير وابن مردويه ، قال السيوطي : بسند ضعيف ، ففي إسناده جابر الجعفي ، وهو ضعيف ، وشيخه مبهم لم يسم . وعن ابن عباس قال : هم الذين يؤخرونها عن وقتها .