كأنه قال : فإذا كان الأمر كذلك ، فويل للمصلين الذين يسهون عن الصلاة قلة مبالاة بها ، حتى تفوتهم أو يخرج وقتها ، أو لا يصلونها كما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف ، ولكن ينقرونها نقراً من غير خشوع وإخبات ، ولا اجتناب لما يكره فيها : من العبث باللحية ، والثياب ، وكثرة التثاؤب ، والالتفات ، لا يدري الواحد منهم عن كم انصرف ، ولا ما قرأ من السور ، وكما ترى صلاة أكثر من ترى الذين عادتهم الرياء بأعمالهم ، ومنع حقوق أموالهم . والمعنى : أن هؤلاء أحق بأن يكون سهوهم عن الصلاة- التي هي عماد الدين ، والفارق بين الإيمان والكفر والرياء الذي هو شعبة من الشرك ، ومنع الزكاة التي هي شقيقة الصلاة وقنطرة الإسلام - علماً على أنهم مكذبون بالدين . وكم ترى من المتسمين بالإسلام ؛ بل من العلماء منهم من هو على هذه الصفة ، فيا مصيبتاه . وطريقة أخرى : أن يكون { فَذَلِكَ } عطفاً على { الذي يُكَذّبُ } إمّا عطف ذات على ذات ، أوصفة على صفة ، ويكون جواب { أرأيت } محذوفاً لدلالة ما بعده عليه ، كأنه قيل : أخبرني ، وما تقول فيمن يكذب بالجزاء ؟ وفيمن يؤذي اليتيم ولا يطعم المسكين ؟ أنِعم ما يصنع ؟ ثم قال : { فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ } أي : إذا علم أنه مسيء ، فويل للمصلين ، على معنى : فويل لهم ، إلا أنه وضع صفتهم موضع ضميرهم ؛ لأنهم مع التكذيب وما أضيف إليهم ساهين عن الصلاة مرائين ، غير مزكين أموالهم .
فإن قلت : كيف جعلت المصلين قائماً مقام ضمير الذي يكذب ، وهو واحد ؟ قلت : معناه الجمع ؛ لأنّ المراد به الجنس .
فإن قلت : أيّ فرق بين قوله : { عَن صلاتهم } وبين قولك : ( في صلاتهم ) ؟ قلت : معنى : ( عن ) : أنهم ساهون عنها سهو ترك لها ، وقلة التفات إليها ؛ وذلك فعل المنافقين أو الفسقة الشطار من المسلمين . ومعنى ( في ) : أنّ السهو يعتريهم فيها بوسوسة شيطان أو حديث نفس ، وذلك لا يكاد يخلو منه مسلم . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع له السهو في صلاته فضلاً عن غيره ؛ ومن ثم أثبت الفقهاء باب سجود السهو في كتبهم . وعن أنس رضي الله عنه : الحمد لله على أن لم يقل في صلاتهم . وقرأ ابن مسعود : «لاهون » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.