تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ} (5)

وقوله تعالى : { الذين هم عن صلاتهم ساهون } يحتمل وجهين :

أحدهما : أي سهوا عن صلاتهم لأنفسهم ، وصلاتهم التي هي لأنفسهم ، هي أن تكون الصلاة لله تعالى ، ويجعلونها له ، ولا يصلون لغير الله من الأصنام وغيرها ؛ لأن من صلى لله تعالى يرجع منفعته في الحقيقة إليه لما تعلق بها من الجزاء الجميل ، فهم بالسهو عن تلك الصلاة وتركها يلحقون الضرر بأنفسهم ، وإن{[2]} جعلوها للأصنام التي لا تضر ، ولا تنفع .

والثاني : سهوهم ( عن ){[3]} الصلاة حين أضاعوها ، وهو ما ذكر في حرف ابن مسعود في قوله تعالى : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } ( العنكبوت : 45 ) فيقول : ( سهوا عن ){[4]} الصلاة ، فلم يمتنعوا عما ذكر .

وعن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا : " هم الذين يؤخرونها عن وقتها " ( ابن جرير الطبري في تفسيره 30/311 ) وقال مجاهد : " الساهي الذي لا يبالي صلى أم لم يصل " ( ابن جرير الطبري في تفسيره 30/311 ) ألا ترى أنه قال : { الذين هم يراءون } وقال الحسن : " هم المنافقون ، يؤخرونها عن وقتها ، ويراؤون إذا صلوا " ( بنحوه : الطبراني في الأوسط 2297 ) وقال سعد : ( ابن أبي وقاص ){[5]} : " السهو{[6]} عن الوقت " ( بنحوه : الطبراني في الأوسط 2297 ) وقال أبو العالية : " الساهي هو الذي لا يدري عن شفع انصرف أو عن وتر " ( الدر المنثور8/643 ) ، وروي عن سليمان أنه قال : الحمد لله لأنه{[7]} لم يقل : في صلاتهم ، ولكنه قال { عن صلاتهم ساهون } .


[2]:- من ط ع: ويشير هذا القول إلى ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" انظر (سنن الترمذي) ج 5/199 رقم الحديث /2951/.
[3]:- من ط ع، الواو ساقطة من الأصل.
[4]:- من ط ع، في الأصل: الشكر.
[5]:- من ط ع، في الأصل: ذا.
[6]:- نفسه.
[7]:- لم تدرج مقدمة المصنف في ط م.