تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ} (44)

وإنه لذِكر لك ولقومك : إن القرآن شرف لك ولقومك تُذْكَرون به إلى الأبد .

إن القرآن الذي أوحيناه إليك شرف لك وللعرب ، فلقد رفع من شأنهم ونشَر سلطانهم ولغتهم في شرق الأرض وغربها ، وكما قال تعالى : { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ الأنبياء : 10 ] .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ} (44)

{ وَإِنَّهُ } أي : هذا القرآن الكريم { لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ } أي : فخر لكم ، ومنقبة جليلة ، ونعمة لا يقادر قدرها ، ولا يعرف وصفها ، ويذكركم أيضا ما فيه الخير الدنيوي والأخروي ، ويحثكم عليه ، ويذكركم الشر ويرهبكم عنه ، { وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } عنه ، هل قمتم به فارتفعتم وانتفعتم ، أم لم تقوموا به فيكون حجة عليكم ، وكفرا منكم بهذه النعمة ؟

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ} (44)

قوله تعالى :{ فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم وإنه } يعني القرآن ، { لذكر لك } أي لشرف لك ، { ولقومك } من قريش ، نظيره : { لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم } ( الأنبياء-10 ) ، أي شرفكم ، { وسوف تسألون } عن حقه وأداء شكره . روى الضحاك عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سئل لمن هذا الأمر بعدك ؟ لم يجب بشيء حتى نزلت هذه الآية ، فكان بعد ذلك إذا سئل لمن هذا ؟ قال : لقريش .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا عبد الرحمن بن شريح ، أنبأنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، أنبأنا عاصم بن محمد بن زيد ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي اثنان "

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبانا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أبو اليمان ، أنبأنا شعيب عن الزهري قال : كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث عن معاوية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين " . وقال مجاهد : القوم هم العرب ، فالقرآن لهم شرف إذ نزل بلغتهم ، ثم يختص بذلك الشرف الأخص فالأخص من العرب ، حتى يكون الأكثر لقريش ولبني هاشم . وقيل : ذكر شرف لك بما أعطاك من الحكمة ، ولقومك المؤمنين بما هداهم الله به ، وسوف تسألون عن القرآن وعما يلزمكم من القيام بحقه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ} (44)

ولما أثبت حسنه في نفسه المتقضي للزومه ، عطف عليه نفعه لهم . وأكد لإنكارهم فقال : { وإنه } أي الذي أوحى إليك في الدنيا { لذكر } أي شرف عظيم جداً وموعظة وبيان ، عبر عن الشرف بالذكر للتنبيه على أن سببه الإقبال على الذكر وعلى ما بينه وشرعه والاستمساك به والاعتناء بشأنه : { لك ولقومك } قريش خصوصاً والعرب عموماً وسائر من اتبعك ولو كان من غيرهم من جهة نزوله على واحد منهم وبلسانهم ، فكان سائر الناس تبعاً لهم ومن جهة إيراثه الطريقة الحسنى والعلوم الزاكية الواسعة وتأثيره الظهور على جميع الطوائف والإمامة لقريش بالخصوص كما قال صلى الله عليه وسلم : " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان ما أقاموا الدين " فمن أقام هذا الدين كان شريفاً مذكوراً في ملكوت السماوات والأرض ، قال ابن الجوزي : وقد روى الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سئل : لمن هذا الأمر ، من بعدك ، لم يخبر بشيء حتى نزلت هذه الآية ، فكان بعد ذلك إذا سئل قال : لقريش - وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم فهم من هذا أنه يلي على المسلمين بحكم النبوة وشرف القرآن ، وأن قومه يخلفونه من بعده في الولاية بشرف القرآن الذي أنزل على رجل منهم - انتهى .

ولما كان التقدير : فسوف تشرفون على سائر الملوك وتعلمون ، عطف عليه قوله : { وسوف تسألون } أي تصيرون في سائر أنواع العلم محط رحال السائلين ديياً ودنيا بحيث يسألكم جميع أهل الأرض من أهل الكتاب ومن غيرهم عما يهمهم من أمر دينهم ودنياهم لما يعتقدون من أنه لا يوازيكم أحد في العلم بعد أن كنتم عندهم أحقر الأمم ضعفاً وجهلاً كما وقع لبني إسرائيل حيث رفعهم الله ، وكان ذلك أبعد الأشياء عند فرعون وآله ، ولذلك كانوا يتضاحكون استهزاء بتلك الآيات وينسبون الآتي بها إلى ما لا يليق بمنصبه العالي من المحالات ، وتسألون عن حقه وأداء شكره وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له ، وهذا بوعد صادق لا حلف فيه أصلاً .