سورة الغاشية مكية وآياتها ست وعشرون ، نزلت بعد سورة الذاريات ، والغاشية هي : القيامة . وقد تناولت هذه السورة الآخرة وأحوال القيامة وأهوالها ، ثم هذا الوجود الكبير وما فيه من أدلة وبراهين على وحدانية الخالق وقدرته في خلق المخلوقات المختلفة : كالإبل وتكوينها العجيب ، والسماء البديعة ، والجبال الشاهقة المنصوبة ، والأرض الممتدة الواسعة . وبعد هذا المطاف تذكر الناس بحساب الآخرة ، وسيطرة الله وحتمية الرجوع إليه في نهاية المطاف . . وكل ذلك أسلوب هادئ عميق محكم رصين .
هل جاءكَ يا محمد ، خبر نبأ يوم القيامة التي تغشى الناسَ وتغمرهم بأهوالها ؟ والخطابُ وإن كان لرسول الله فهو عام لكل من يسمع . . . .
" هل " بمعنى قد ، كقوله : " هل أتى على الإنسان{[15985]} " [ الإنسان : 1 ] . قاله قطرب . أي قد جاءك يا محمد حديث الغاشية ، أي القيامة التي تغشى الخلائق بأهوالها وأفزاعها ، قاله أكثر المفسرين . وقال سعيد بن جبير ومحمد بن كعب : " الغاشية " : النار تغشى وجوه الكفار ، ورواه أبو صالح عن ابن عباس ، ودليله قوله تعالى : " وتغشى وجوههم النار{[15986]} " [ إبراهيم : 50 ] . وقيل : تغشى الخلق . وقيل : المراد النفخة الثانية للبعث ؛ لأنها تغشى الخلائق . وقيل : " الغاشية " أهل النار يغشونها ، ويقتحمون فيها . وقيل : معنى " هل أتاك " أي هذا لم يكن من علمك ، ولا من علم قومك . قال ابن عباس : لم يكن أتاه قبل ذلك على هذا التفصيل المذكور ها هنا . وقيل : إنها خرجت مخرج الاستفهام لرسوله ، ومعناه إن لم يكن أتاك حديث الغاشية فقد أتاك ، وهو معنى قول الكلبي .
{ هل أتاك حديث الغاشية 1 وجوه يومئذ خاشعة 2 عاملة ناصبة 3 تصلى نارا حامية 4 تسقى من عين آنية 5 ليس لهم طعام إلا من ضريع 6 لا يسمن ولا يغني من جوع } .
يبين الله في هذه الآيات ما يغشى البشرية يوم القيامة من شديد البلايا وعظيم الدواهي ، فترى الخلائق حينئذ من الأهوال والأفزاع وفظاعة المشاهد ما يعجز البيان عن وصف حقيقته ، إلا كلمات الله ، وهي آياته المثيرة الباهرة العجاب . فهي تخبرنا تمام الإخبار عن أحداث الساعة الجسام وذلك في تصوير كامل مستبين يثير في النفس الفزع . وذلك هو قوله سبحانه : { هل أتاك حديث الغاشية } يعني هل أتاك يا محمد حديث الغاشية وهي القيامة وقد سميت بالغاشية ، لأنها تغشى الناس بأهوالها وعظائمها وفظائعها فيوجلون ويفزعون ويستحوذ عليهم يومئذ الذهول والحيرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.