سورة الحجر مكية ، عدد آياتها تسع وتسعون ، وسميت سورة الحجر لقوله تعالى { ولقد كذّب أصحاب الحجر المرسلين } .
ومناسبتها للسورة التي قبلها أنها افتتحت بمثل ما افتتحت به سورة إبراهيم من وصف الكتاب المبين ، وشرحت أحوال الكفار يوم القيامة وتمنيهم لو كانوا مسلمين ، وإن في كل من السورتين وصف السموات والأرض ، وقصصا مفصلا عن إبراهيم عليه السلام ، كما أن في كل منهما تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم بذكر ما لاقاه الرسل السالفون من أممهم وكانت العاقبة للمتقين .
وقد ابتدأت بالحروف الصوتية تنبيها إلى أن القرآن مكون من الحروف التي تتكون منها الكلمات العادية ، ومع ذلك فهو معجز ، لأنه منزل من عند الله تعالى .
والسورة الكريمة تبين العبر بما نزل بالأمم السابقة والإشارة إلى أخبار الأنبياء السابقين ، وتشير إلى آيات الله في الكون ، من سماء مرفوعة ذات بروج محفوظة ، وأرض ممهدة مبسوطة ، وجبال راسيات ، ورياح حاملة للماء ، وما يلقح الأشجار . وتشير إلى المعركة الأولى في الخليقة بين إبليس وآدم وزوجته ، واستمرار هذه المعركة بين الخير والشر إلى أن تنتهي هذه الدنيا . ثم تذكر عاقبة الخير والشر يوم القيامة . وبعد ذلك يقص الله سبحانه قصص النبيين إبراهيم ولوط ، وأصحاب الحجر ، وتشير إلى منزلة القرآن ، وحال المشركين في تلقيه ، وما يجب على النبي إزاء جحودهم ، وهو أن يعلن رسالته ، ويجهر بها ويعبد الله حتى يأتيه الأمر اليقين .
ومحور السورة هو إبراز المصير المخوف الذي ينتظر الكافرين المكذبين . وحول هذا المحور يدور السياق في عدة جولات ، متنوعة الموضوع والمجال ، ترجع كلها إلى ذلك المحور الأصيل .
ويمكن تقسيم سياق السورة إلى خمس جولات أو مقاطع يتضمن كل منها موضوعا :
الأول : بيان أن سنة الله التي لا تتخلف ، في الرسالة ، والإيمان بها ، والتكذيب .
والثاني : يتضمن بعض آيات الله في الكون : في السماء وفي الأرض
وما بنيهما ، وكل شيء قدِّر بحكمه وأنزل بقدر .
والثالث : يعرض لقصة البشرية وأصل الهدى والغواية وتركيبها وأسبابها الأصيلة ومصير المهتدين والغاوين . . . وذلك في خلق آدم من الطين ، والنفخ من روح الله في هذا الطين ، ثم في غرور إبليس واستكباره وتوليه الغاويين دون المخلصين .
والرابع : في مصارع الغابرين من قوم لوط وشعيب وصالح . ثم يتابع القصص ، ويجلو رحمة الله مع إبراهيم ولوط ، وعذابه لأقوام لوط وشعيب وصالح .
وأما المقطع الخامس والأخير فيكشف عن الحق الكامن في خلق هذا الكون بجميع ما فيه ، المتلبس بالساعة وما بعدها من ثواب وعقاب ، المتصل بدعوة الرسول الكريم عليه صلوات الله وسلامه ، فهو الحق الأكبر الشامل للكون كله وللبدء والمصير .
وتشتمل السورة على الأمر للنبي عليه الصلاة والسلام بالجهر بالدعوة بقوله تعالى : { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين } حيث كان الرسول الكريم يدعو سرّاً في أول الأمر ، وبعدها خرج للناس وأظهر الدعوة .
ومن غرر الآيات فيها قوله تعالى : { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه . . . الآية } وقوله تعالى : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } .
ألف ، لام ، را . . . من هذه الأحرف تتألف آيات الكتاب المعجزة ، وهي القرآن الواضح المبين الذي يبَين لمن تأملَه وتدبَّره رُشدَه وهُداه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.