لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ وَقُرۡءَانٖ مُّبِينٖ} (1)

مقدمة السورة:

السورة التي فيها ذكر الحجر

بسم الله الرحمن الرحيم

سقطت ألف الوصل من كتابة بسم الله وليس لإسقاطها علة ، وزيد في شكل الباء من بسم الله وليس لزيادتها علة ، ليعلم أن الإثبات والإسقاط بلا علة ، فلم يقبل من قبل لاستحقاق علة ، ولا رد من رد لاستيجاب علة . فإن قيل العلة في إسقاط الألف من بسم الله كثرة الاستعمال في كتابتها أشكل بأن الباء من بسم الله زيد في كتابتها وكثرة الاستعمال موجودة . فإن قيل العلة في زيادة شكل الباء بركة أفضالها باسم الله أشكل بحذف ألف الوصل لأن الاتصال بها موجود ، فلم يبق إلا أن الإثبات والنفي ليس لها علة ؛ يرفع من يشاء ويمنع من يشاء .

قوله جل ذكره : { المر تلك ءايات الكتاب وقرآ ن مبين }

أسمعهم هذه الحروف مُقَطَّعَةً على خلاف ما كانوا يسمعون الحروف المنظومة في الخطاب ، فأعرضوا عن كل شيءٍ وسمعوا لها . ونبههم القرآنُ إلى أن هذه التي يسمعونها آياتُ الكتاب ، فقال لهم لما حضرت ألبابُهم ، واستعدت لسماع ما يقول آذانُهم : { تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } .

ووصف القرآن بأنه مبين ؛ لأنه يُبَينُ للمؤمنين ما يسكن قلوبهم ، وللمريدين ما يقوي رجاءَهم ، وللمحسنين ما يهيج اشتياقهم ، وللمشتاقين ما يثير لواعجَ أسرارهم ، ويبيِّن للمصطفى- صلى الله عليه وسلم - تحقيقَ ما مَنَعَ غَيْرِه بعد سؤاله . . . ألم تر إلى ربك قال لموسى عليه السلام : " لن تراني " بعد سؤاله : { رَبِّ أَرِنِى أَنْظُرْ إِلَيْكَ } [ الأعراف :143 ] .