قوله تعالى : " من ورائه جهنم " أي من وراء ذلك الكافر جهنم ، أي من بعد هلاكه . ووراء بمعنى بعد ؛ قال النابغة :
حلفتُ فلم أترك لنفسك رِيبَةً *** وليسَ وراءَ الله للمرءِ مذهَبُ{[9471]}
أي بعد الله جل جلاله ، وكذلك قوله تعالى : " ومن ورائه عذاب غليظ " أي من بعده ، وقوله تعالى : " ويكفرون بما وراءه{[9472]} " [ البقرة : 91 ] أي بما سواه ، قاله الفراء . وقال أبو عبيد : بما بعده : وقيل : " من ورائه " أي من أمامه ، ومنه قول الشاعر :
ومن ورائكَ يومٌ أنت بالغُه *** لا حاضرٌ معجزٌ عنه ولا بادِي
أترجو بنُو مروان سمعي وطاعتي *** وقومي تميمٌ والفلاةُ ورائيَا
ليس وَرَائِي إن تراخت{[9473]} مَنِيَّتِي *** لزومُ العصا تُحْنَى عليها الأصابعُ
يريد أمامي . وفي التنزيل : " كان وراءهم ملك{[9474]} " [ الكهف : 79 ] أي أمامهم ، وإلى هذا ذهب أبو عبيدة وأبو علي قطرب وغيرهما . وقال الأخفش : هو كما يقال هذا الأمر من ورائك ، أي سوف يأتيك ، وأنا من وراء فإن أي في طلبه وسأصل إليه . وقال النحاس في قول " من ورائه جهنم " أي من أمامه ، وليس من الأضداد ولكنه من تواري ، أي استتر . وقال الأزهري : إن وراء تكون بمعنى خلف وأمام فهو من الأضداد ، وقاله أبو عبيدة أيضا ، واشتقاقهما مما توارى واستتر ، فجهنم توارى ولا تظهر ، فصارت من وراء لأنها لا ترى ، حكاه ابن الأنباري وهو حسن .
قوله تعالى : " ويسقى من ماء صديد " أي من ماء مثل الصديد ، كما يقال للرجل الشجاع أسد ، أي مثل الأسد ، وهو تمثيل وتشبيه . وقيل : هو ما يسيل من أجسام أهل النار من القيح والدم . وقال محمد بن كعب القرظي والربيع بن أنس : هو غسالة أهل النار ، وذلك ماء يسيل من فروج الزناة والزواني . وقيل : هو من ماء كرهته تصد عنه ، فيكون الصديد مأخوذا من الصد . وذكر ابن المبارك ، أخبرنا صفوان بن عمرو عن عبيد الله بن بسر عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " ويسقي من ماء صديد يتجرعه " قال : ( يقرب إلى فيه فيكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فَرْوَةُ رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره يقول الله : " وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم{[9475]} " [ محمد : 15 ] ويقول الله : " وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب{[9476]} " ) [ الكهف : 29 ] ) خرجه الترمذي ، وقال : حديث غريب ، وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو حديث أبي أمامة لعله أن يكون أخا عبد الله بن بسر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.