الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{۞قَالَتۡ رُسُلُهُمۡ أَفِي ٱللَّهِ شَكّٞ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَدۡعُوكُمۡ لِيَغۡفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرَكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ قَالُوٓاْ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأۡتُونَا بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (10)

قوله تعالى : " قالت رسلهم أفي الله شك " استفهام معناه الإنكار ، أي لا شك في الله ، أي في توحيده ، قاله قتادة . وقيل : في طاعته . ويحتمل وجها ثالثا : أفي قدرة الله شك ؟ ! لأنهم متفقون عليها ومختلفون فيما عداها ، يدل عليه قوله : " فاطر السماوات والأرض " خالقها ومخترعها ومنشئها وموجدها بعد العدم ؛ لينبه على قدرته فلا تجوز العبادة إلا له . " يدعوكم " أي إلى طاعته بالرسل والكتب . " ليغفر لكم من ذنوبكم " قال أبو عبيد : " من " زائدة . وقال سيبويه : هي للتبعيض ، ويجوز أن يذكر البعض والمراد منه الجميع . وقيل : " من " للبدل وليست بزائدة ولا مبعضة ، أي لتكون المغفرة بدلا من الذنوب . " ويؤخركم إلى أجل مسمى " يعني الموت ، فلا يعذبكم في الدنيا . " قالوا إن أنتم " أي ما أنتم . " إلا بشر مثلنا " في الهيئة والصورة ، تأكلون مما نأكل ، وتشربون مما نشرب ، ولستم ملائكة . " تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا " من الأصنام والأوثان " فأتونا بسلطان مبين " أي بحجة ظاهرة ، وكان محالا منهم ، فإن الرسل ما دعوا إلا ومعهم المعجزات .