لما قال تعالى : " وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " [ الزخرف : 45 ] تعلق المشركون بأمر عيسى وقالوا : ما يريد محمد إلا أن نتخذه إلها كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم إلها ، قاله قتادة . ونحوه عن مجاهد قال : إن قريشا قالت إن محمدا يريد أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى ، فأنزل الله هذه الآية . وقال ابن عباس : أراد به مناظرة عبد الله بن الزبعرى مع النبي صلى الله عليه وسلم في شأن عيسى ، وأن الضارب لهذا المثل هو عبد الله بن الزبعرى السهمي حالة كفره لما قالت له قريش إن محمدا يتلو : " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " {[13655]} [ الأنبياء : 98 ] الآية ، فقال : لو حضرته لرددت عليه ، قالوا : وما كنت تقول له ؟ قال : كنت أقول له هذا المسيح تعبده النصارى ، واليهود تعبد عزيرا ، أفهما من حصب جهنم ؟ فعجبت قريش من مقالته ورأوا أنه قد خصم ، وذلك معنى قوله : " يصدون " فما نزل الله تعالى : " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " {[13656]} [ الأنبياء : 101 ] . ولو تأمل ابن الزبعرى الآية ما اعترض عليها ؛ لأنه قال : " وما تعبدون " ولم يقل ومن تعبدون وإنما أراد الأصنام ونحوها مما لا يعقل ، ولم يرد المسيح ولا الملائكة وإن كانوا معبودين . وقد مضى هذا في آخر سورة " الأنبياء " {[13657]} .
وروى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقريش : [ يا معشر قريش لا خير في أحد يعبد من دون الله ] . قالوا : أليس تزعم أن عيسى كان عبدا نبيا وعبدا صالحا ، فإن كان كما تزعم فقد كان يعبد من دون الله ! . فأنزل الله تعالى : " ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك يصدون " أي يضجون كضجيج الإبل عند حمل الأثقال . وقرأ نافع وابن عامر والكسائي " يصدون " ( بضم الصاد ) ومعناه يعرضون ، قاله النخعي ، وكسر الباقون . قال الكسائي : هما لغتان ، مثل يعرشون ويعرشون وينمون وينمون ، ومعناه يضجون . قال الجوهري : وصد يصد صديدا ، أي ضج . وقيل : إنه بالضم من الصدود وهو الإعراض ، وبالكسر من الضجيج ، قاله قطرب . قال أبو عبيد : لو كانت من الصدود عن الحق لكانت : إذا قومك عنه يصدون . الفراء : هما سواء ، منه وعنه . ابن المسيب : يصدون يضجون . الضحاك : يعجون . ابن عباس : يضحكون . أبو عبيدة : من ضم فمعناه يعدلون ، فيكون المعنى : من أجل الميل يعدلون . ولا يعدى " يصدون " بمن ، ومن كسر فمعناه يضجون ، ف " من " متصلة ب " يصدون " والمعنى يضجون منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.