الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{ٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ بِحُسۡبَانٖ} (5)

" الشمس والقمر بحسبان " أي يجريان بحساب معلوم فأضمر الخبر . قال ابن عباس وقتادة وأبو مالك : أي يجريان بحساب في منازل لا يعدوانها ولا يحيدان عنها . وقال ابن زيد وابن كيسان : يعني أن بهما تحسب الأوقات والآجال الأعمار ، ولولا الليل والنهار والشمس والقمر لم يدر أحد كيف يحسب شيئا لو كان الدهر كله أو نهاره . وقال السدي : " بحسبان " تقدير آجالهما أي تجري بآجال كآجال الناس ، فإذا جاء أجلهما هلكا ، نظيره : " كل يجري لأجل مسمى{[14503]} " [ الزمر : 5 ] . وقال الضحاك : بقدر . مجاهد : " بحسبان " كحسبان الرحى يعني قطبها يدوران في مثل القطب . والحسبان قد يكون مصدر حسبته أحسبته بالضم حسبا وحسبانا ، مثل الغفران والكفران والرجحان ، وحِسابة أيضا أي عددته . وقال الأخفش : ويكون جماعة الحساب مثل شهاب وشهبان . والحسبان أيضا بالضم العذاب والسهام القصار ، وقد مضى في " الكهف{[14504]} " الواحدة حُسبانة ، والحُسبانة أيضا الوسادة الصغيرة ، تقول منه : حَسَّبْتُهُ إذا وسدته ، قال{[14505]} :

. . . لثَوَيْتَ غير مُحَسِّب

أي غير موسَّد يعني غير مكرم ولا مكفن .


[14503]:راجع جـ 9 ص 279.
[14504]:راجع جـ 10 ص 408.
[14505]:هو نهيك الفزاري يخاطب عامر بن الطفيل، والبيت بتمامه: لتقيت بالوجعاء طعنة مرهف *** مران أو لثويت غير محسب الوجعاء الأست. يقول: لو طعنتك لوليتني دبرك واتقيت طعنتي بوجعائك، ولثويت هالكا غير مكرم.