سورة   الرحمن
 
السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ بِحُسۡبَانٖ} (5)

ولما ذكر تعالى خلق الإنسان وإنعامه عليه بتعليمه البيان ذكر نعمتين عظيمتين بقوله تعالى : { الشمس } وهي آية النهار { والقمر } وهي آية الليل { بحسبان } فإنهما على قانون واحد وحساب لا يتغيران وبذلك تتم منفعتهما للزراعات وغيرها ولولا الشمس والقمر لفات كثير من المنافع الظاهرة بخلاف غيرهما من الكواكب فإنّ نعمها لا تظهر لكل أحد مثل ظهور نعمتهما ، وإنهما بحسبان لا يتغير أبدا ، ولو كان سيرهما غير معلوم للخلق لما انتفعوا بالزراعات في أوقاتها ومعرفة فصول السنة ، والمعنى يجريان بحسبان معلوم فأضمر الخبر . قال ابن عباس وقتادة وأبو مالك : يجريان بحسبان في منازل لا يعدوانها ولا يحيدان عنها . وقال أبو زيد وابن كيسان بهما تحسب الأوقات والأعمار ، ولولا الليل والنهار والشمس والقمر لم يدر أحد كيف يحسب شيئاً إن كان الدهر كله ليلاً أو نهاراً . وقال السدي : بحسبان تقدير آجالهما أي : يجريان بآجال كآجال الناس ، فإذا جاء أجلهما هلكا نظيره { كل يجري إلى أجل مسمى } [ لقمان : 29 ] .