الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَٱلَّيۡلِ إِذۡ أَدۡبَرَ} (33)

" والليل إذا أدبر " أي ولى وكذلك " دبر " . وقرأ نافع وحمزة وحفص " إذ أدبر " الباقون " إذا " بألف و " دبر " بغير ألف وهما لغتان بمعنى ، يقال دبر وأدبر ، وكذلك قبل الليل وأقبل . وقد قالوا : أمس الدابر والمدبر ، قال صخر بن عمرو بن الشريد السلمي :

ولقد قتلناكم ثُنَاءً ومَوْحَدًا *** وتركتُ مَرَّةً مثلَ أمْسِ الدَّابِرِ

ويروي المدبر . وهذا قول الفراء والأخفش .

وقال بعض أهل اللغة : دبر الليل : إذا مضى ، وأدبر : أخذ في الإدبار . وقال مجاهد : سألت ابن عباس عن قوله تعالى : " والليل إذا دبر " فسكت حتى إذا دبر قال : يا مجاهد ، هذا حين دبر الليل . وقرأ محمد بن السميقع " والليل إذا أدبر " بألفين ، وكذلك في مصحف عبد الله وأبي بألفين . وقال قطرب من قرأ " دبر " فيعني أقبل ، من قول العرب دبر فلان : إذا جاء من خلفي . قال أبو عمرو : وهي لغة قريش . وقال ابن عباس في رواية عنه : الصواب : " أدبر " ، إنما يدبر ظهر البعير . واختار أبو عبيد : " إذا أدبر " قال : لأنها أكثر موافقة للحروف التي تليه ؛ ألا تراه يقول : " والصبح إذا أسفر " ، فكيف يكون أحدهما " إذ " والآخر " إذا " وليس في القرآن قسم تعقبه " إذ " وإنما يتعقبه " إذا " .