الآيتان 33و34 : وقوله تعالى : { والقمر }{ والليل إذ أدبر }{ والصبح إذا أسفر } فهذا في موضع القسم ، وقد ذكرنا أن القسم لتأكيد ما قصد إليه بالذكر ، وإدبار الليل مجيء النهار ، فجائز أن يكون ذكر آخر الليل يقتضي ذكر أول النهار[ وذكر أول النهار يقتضي ذكر النهار ]{[22691]} كله . فيكون القسم بها قسما بالليل كله والنهار كله .
ثم الليل إذا أقبل عملت ظلمته في ستر الأشياء كلها بساعة لطيفة ، وكذلك النهار إذا أقبل عمل في رفع الظلمة عن الخلائق جملة بساعة ما لو اجتهد المرء في جميع عمره ، وإن طال ، في عد تلك الأشياء ليحيط علما بجملتها لم يتمكن منه .
وإذا كان لليل من السلطان ما ذكرنا ، ولإقبال النهار من الأمر ما ذكرنا ، وكان الذي ذكرنا أمرا مشاهدا معاينا ، ولو أريد معرفة ما فيه{[22692]} من الحكمة أنه لأي معنى ما صلح أن يكون الليل ساترا عن درك أعين الأشياء ، واستقام أن يكون النهار مزيلا للستر ، لم يقدر عليه ، فيكون إبانة أنه لا يجب إنكار كل ما لا يوصل إلى درك الحكمة فيه بالعقول والآراء ، فيكون فيه إيجاب التصديق بالأنباء التي يأتي بها الرسل ، وإن كان فيها ما لا يوقف على الحكمة المجعولة فيها بالآراء .
وفيه أن منشئ الليل والنهار واحد ، وأن الخلائق بجملتهم تحت سلطانه وتدبيره ، يحكم فيهم بما يشاء ، ويفعل ما يريد . وجائز أن يكون القسم منصرفا إلى الوقتين اللذين ، وقع عليهما الذكر ، وهما إدبار الليل وإسفار الصبح ، فيكون فيهما في الأول .
وقوله تعالى : { أسفر } أي أضاء ، وانتشر . وقوله : { أدبر } أي ذهب .
وحكي عن الكسائي أنه قال : إن{ أدبر } لغة قريشية ؛ يقولون : ذهب كالأمس الدابر أي الذاهب ، فيقولون : دبر في الأيام والشهور والسنين ، ولا يقولون في غير ذلك ، لا يقولون : دبر الرجل ، ودبر الأمر ، ولكن يقال : أدبر .
وفي حرف ابن مسعود : إذا أدبر ، وفي الحروف : إذ دبر{[22693]} ، والمعروف إذ أدبر كما قلنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.