قوله تعالى : " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم " الأحبار جمع حبر ، وهو الذي يحسن القول وينظمه ويتقنه بحسن البيان عنه . ومنه ثوب محبر أي جمع الزينة . وقد قيل في واحد الأحبار : حبر بكسر الحاء ، والدليل على ذلك أنهم قالوا : مداد{[7944]} حبر يريدون مداد عالم ، ثم كثر الاستعمال حتى قالوا للمداد حبر . قال الفراء : الكسر والفتح لغتان . وقال ابن السكيت : الحبر بالكسر المداد ، والحبر بالفتح العالم . والرهبان جمع راهب مأخوذ من الرهبة ، وهو الذي حمله خوف الله تعالى على أن يخلص له النية دون الناس ، ويجعل زمانه له وعمله معه وأنسه به .
قوله تعالى : " أربابا من دون الله " قال أهل المعاني : جعلوا أحبارهم ورهبانهم كالأرباب حيث أطاعوهم في كل شيء ومنه قوله تعالى : " قال انفخوا حتى إذا جعله نارا{[7945]} " [ الكهف : 96 ] أي كالنار . قال عبدالله بن المبارك :
وهل أفسد الدين إلا الملوك*** وأحبار سوء ورهبانها
روى الأعمش وسفيان عن حبيب بن أبى ثابت عن أبى البختري قال : سئل حذيفة عن قول الله عز وجل : " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله " هل عبدوهم ؟ فقال لا ، ولكن أحلوا لهم الحرام فاستحلوه ، وحرموا عليهم الحلال فحرموه . وروى الترمذي عن عدي بن حاتم قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب . فقال : ( ما هذا يا عدي اطرح عنك هذا الوثن ) وسمعته يقرأ في سورة [ براءه " " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم " ثم قال : ( أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه ) . قال : هذا حديث غريب لا يعرف إلا من حديث عبدالسلام بن حرب . وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث .
قوله تعالى : " والمسيح ابن مريم " مضى الكلام في اشتقاقه في " آل عمران{[7946]} " والمسيح : العرق يسيل من الجبين . ولقد أحسن بعض المتأخرين فقال :
افرح فسوف تألف الأحزانا*** إذا شهدت الحشر والميزانا
وسالَ من جبينك المسيح *** كأنه جداول تسيحُ
ومضى في " النساء{[7947]} " معنى إضافته إلى مريم أمه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.