جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (31)

{ اتخذوا أحبارهم } ، علماؤهم ، { ورهبانهم } ، زهادهم والأحبار من اليهود والرهبان من النصارى ، { أربابا من دون الله } ، حرموا عليهم الحلال وحللوا لهم الحرام فأطاعوهم وتركوا كتاب الله تعالى ، { والمسيح ابن مريم } ، بأن جعلوه ابنا له ، { وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا } ، هو الله { لا إله إلا هو } ، صفة ثانية أو استئناف ، { سبحانه عما يشركون{[1956]} } ، هو المنزه عن شريك وولد .


[1956]:وفي هذه الآية مما يزجر عن التقليد في دين الله وتأثير ما يقوله الأسلاف على ما في الكتاب والسنة المطهرة فإن طاعة المتمذهب لمن يقتدي بقوله ويستن بسنته من علماء هذه الأمة مع مخلفته لما جاءت به النصوص وقامت به حجج الله وبراهينه ونطقت به كتبه وأنبياؤه- هو كاتخاذ اليهود والنصارى للأحبار والرهبان أربابا من دون الله للقطع بأنهم لم يعبدوهم؛ بل أطاعوهم وحرموا ما حرموا وحللوا ما حللوا وهذا هو صنيع المقلدين من هذه الأمة وهو أشبه به من شبه البيضة بالبيضة والتمرة بالتمرة والماء بالماء، فيا عباد الله ويا أتباع محمد بن عبد الله ما بالكم تركتم الكتاب والسنة جانبا وعمدتم إلى رجال هم مثلكم في تعبد الله لهم بهما وطلبه للعمل منهم بما دلا عليه وأفاداه فعملتم بما جاءوا به من الآراء التي لم تعمد بعماد الحق ولم تعضد بعضد الدين ونصوص الكتاب والسنة تهادي بأبلغ نداء وتصوت بأعلى صوت بما يخالف ذلك ويباينه؟ّّ! فدعوا أرشدكم وإياي كتبا كتبها لكم الأموات من أسلافكم واستبدلوا بها كتاب الله خالقهم و خالقكم ومعبودهم ومعبودكم واستبدلوا بأقوال من تدعونهم بأئمتكم بأقوال إمامكم وإمامهم وقدوتهم وقدوتكم وهو الإمام الأول محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم – اللهم اهدينا إلى الحق وأرشدنا إلى الصواب/12 فتح.