بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (31)

ثم قال عز وجل : { اتخذوا أحبارهم } ، يعني : علماءهم { ورهبانهم } ، يعني : أصحاب الصوامع والمتعبدين منهم . { أَرْبَابًا مّن دُونِ الله } ، يعني : اتخذوهم كالأرباب يطيعونهم في معاصي الله تعالى . قال الفقيه الزاهد : حدثنا الفقيه أبو جعفر قال : حدثنا إسحاق بن عبد الرحمن القاري قال : حدثنا محمد بن عيسى قال : حدثنا الحسن بن يزيد الكوفي ، عن عبد السلام بن حرب ، عن عطيف بن أعين ، عن مصعب بن سعيد ، عن عدي بن حاتم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ من سورة براءة { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أَرْبَاباً مّن دُونِ الله } ، قال « أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ ، ولكن كَانُوا إذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئاً اسْتَحَلُّوا ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئَاً حَرَّمُوا » . ثم قال : { والمسيح ابن مَرْيَمَ } ، يعني : اتخذوا المسيح ابن مريم رباً من دون الله تعالى . { وَمَا أُمِرُواْ } ، يقول وما أمرهم عيسى عليه السلام { إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إلها واحدا لاَّ إله إِلاَّ هُوَ } ، يعني : إلا قوله : { مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَآ أَمَرْتَنِى بِهِ أَنِ اعبدوا الله رَبِّى وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ على كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ } [ المائدة : 117 ] ويقال وما أُمروا في جميع الكتب إلا ليعبدوا إلها ، يعني : ليوحدوا الله تعالى إلها واحداً . ثم نزّه نفسه فقال تعالى : { لاَّ إله إِلاَّ هُوَ سبحانه عَمَّا يُشْرِكُونَ } ، يعني : عما يعبدون من دونه .